للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منيتي بيد رجل يدعي الإسلام، فقد كنت أنت وأبوك تحبان أن تكثر العلوج بالمدينة، وكان العباس أكثرهم رقيقًا فقال: إن شئت فعلت -أي: قتلنا- قال: بعدما تكلموا بلسانكم وصلوا قبلتكم وحجوا حجكم فحمل إلى بيته فانطلقنا معه وكأن الناس لم تصبهم مصيبة قبل يومئذ، فقائل يقول: لا بأس وقائل يقول: أخاف عليه، فأتي بنبيذ فشربه فخرج من جوفه، ثم أتي بلبن فشربه فخرج من جوفه، فعرفوا أنه ميت, فدخلنا عليه فجاء الناس يثنون عليه، وجاء رجل شاب فقال: أبشر يا أمير المؤمنين ببشرى الله -عز وجل- لك من صحبة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقدم في الإسلام ما قد علمت، ثم وليت فعدلت، ثم شهادة، قال: وددت أن ذلك كان كفافًا لا علي ولا لي، فلما أدبر إذا إزاره يمس الأرض فقال: ردوا علي الغلام، قال: يابن أخي ارفع يديك فإنه أنقى لثوبك، وأتقى لربك، يا عبد الله بن عمر، انظر ما علي من الدين فحسبوه فوجدوه ستة وثمانين ألفًا أو نحوه، قال: إن وفى به مال آل عمر فأده من أموالهم وإلا فسل في بني عدي بن كعب، فإن لم تف أموالهم فسل في قريش ولا تعدهم إلى غيرهم وقال: انطلق إلى عائشة أم المؤمنين فقل: يقرئ عليك عمر السلام، ولا تقل: أمير المؤمنين فإني لست اليوم للمؤمنين أميرًا وقل: يستأذن عمر بن الخطاب أن يدفن مع صاحبيه، فمضى فسلم واستأذن ثم دخل عليها فوجدها قاعدة تبكي فقال: يقرئ عمر عليك السلام ويستأذن أن يدفن مع صاحبيه، قالت: كنت أريده لنفسي ولأوثرن به اليوم على نفسي، فلما أقبل قيل: هذا عبد الله بن عمر قد جاء فقال: ارفعوني فأسنده رجل إليه فقال: ما لديك? قال: الذي تحبه يا أمير المؤمنين أذنت قال:

الحمد لله ما كان شيء أهم إلي من ذلك المضجع، فإذا أنا قبضت فاحملوني وإن ردتني فردوني إلى مقابر المسلمين. وجاءت أم المؤمنين حفصة -والنساء يسترنها- فلما رأيناها قمنا فولجت عليه فبكت عنده

<<  <  ج: ص:  >  >>