فقال:"يا عائشة, هل أصبتم بعدي شيئا?" فقلت: من أين إن لم يأتنا الله -عز وجل- به على يديك, فتوضأ وخرج منسحبًا يصلي ههنا مرة وههنا مرة يدعو، قالت: فأتى عثمان من آخر النهار فاستأذن فهممت أن أحجبه ثم قلت: هو رجل من مكاثير الصحابة لعل الله -عز وجل- إنما ساقه إلينا ليجري على يديه خيرًا، فأذنت له فقال: يا أمتاه أين رسول الله -صلى الله عليه وسلم؟ فقلت: يا بني, ما طعم آل محمد من أربعة أيام شيئا, دخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- متغيرًا ضامر البطن, فأخبرته بما قال لها وبما ردت قالت: فبكى عثمان بن عفان وقال: مقتًا للدنيا ثم قال: يا أم المؤمنين ما كنت بحقيقة أن ينزل بك، يعني هذا ثم لا تذكرينه لي ولعبد الرحمن بن عوف ولثابت بن قيس في نظائرنا من مكاثير الناس, ثم خرج فبعث إلينا بأحمال من الدقيق وأحمال من الحنطة وأحمال من التمر وبمسلوخ وبثلاثمائة درهم في صرة ثم قال: هذا يبطئ عليكم، ثم بعث بخبز وشواء كثير، فقال: كلوا أنتم واصنعوا لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى يجيء, ثم أقسم علي أن لا يكون مثل هذا إلا أعلمته، قالت: ودخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال:"يا عائشة, هل أصبتم بعدي شيئا?" قلت: يا رسول الله قد علمت أنك إنما خرجت تدعو الله -عز وجل- وقد علمت أن الله -عز وجل- لن يردك عن سؤالك. قال:"فما أصبتم" ? قلت: كذا وكذا حمل بعير دقيقًا وكذا وكذا حمل بعير حنطة وكذا وكذا حمل بعير تمرًا وثلاثمائة درهم في صرة ومسلوخًا وخبزًا وشواء كثيرًا.
فقال:"ممن?" فقلت: من عثمان بن عفان، قالت: وبكى وذكر الدنيا بمقت, وأقسم علي أن لا يكون مثل هذا إلا كلمته، قالت: فلم يجلس النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى خرج إلى المسجد ورفع يديه وقال:"اللهم قد رضيت عن عثمان فارض عنه" ثلاث مرات. خرجه الحافظ أبو القاسم الدمشقي في الأربعين.
وعن ليث بن أبي سالم قال: أول من خبص الخبيص في الإسلام عثمان بن عفان, قدمت عليه عير تحمل الدقيق والعسل فخلط بينهما وبعث