للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أن الله ورسوله يصدقان, فوجه راحلته فإذا هو بأربع عشرة راحلة فاشتراها وما عليها من الطعام, فوجه منها سبعًا إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ووجه سبعًا إلى أهله, فلما رأى المسلمون العير قد جاءت عرف الفرح في وجوههم والكآبة في وجوه المنافقين فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم: "ما هذا?" فقالوا: أرسل به عثمان هدية لك، قال: فرأيته رافعًا يديه يدعو لعثمان, ما سمعته يدعو لأحد قبله ولا بعده: "اللهم أعط لعثمان وافعل لعثمان" رافعًا يديه حتى رأيت بياض إبطيه. خرجه القزويني الحاكمي.

ذكر اختصاصه بدعاء رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في بعض الأحوال الليل كله:

عن أبي سعيد الخدري قال: رمقت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- من أول الليل إلى أن طلع الفجر يدعو لعثمان بن عفان يقول: "اللهم, عثمان رضيت عنه فارض عنه" خرجه الحافظ أبو الحسن الخلعي وصاحب الصفوة, ويشبه أن يكون سبب ذلك تجهيزه جيش العسرة أو تسبيل بئر رومة.

وقد ذكر الواحدي ما يشعر بذلك, فإنه حكى في قوله تعالى: {الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا ... } الآية: نزلت في عثمان وعبد الرحمن بن عوف، فأما عثمان فجهز جيش العسرة وسبل١ بئر رومة.

قال أبو سعيد: فرأيت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رافعًا يديه يدعو لعثمان يقول: "يا رب رضيت عن عثمان فارض عنه" فما زال رافعًا يديه حتى طلع الفجر.

ومما ورد عن دعائه -صلى الله عليه وسلم- لعثمان عن عائشة قالت: مكث آل محمد أربعة أيام ما طعموا شيئًا حتى تضاغوا٢ صبياننا, فدخل رسول الله -صلى الله عليه وسلم-


١ جعلها في سبيل الله تعالى ينتفع بها جميع المسلمين؛ ابتغاء وجه الله تعالى.
٢ بلغة من يسند الفعل إلى واو الجماعة مع وجود الفاعل, كأكلوني البراغيث.

<<  <  ج: ص:  >  >>