أولئك لدخل سعيد بن زيد, فإنه كان حاضرًا لأنه كان من أمراء الأجناد، وقد تقدم في الحديث آنفا أنهم حضروا في ذلك العام، وتوفي عمر في آخر ذي الحجة قبل أن يتفرقوا، ويدل على ذلك وجه التنصيص أعني: دخول سعيد بن زيد ممن حضر في ذلك العام حديث السقيفة عن ابن عباس وفيه: أن عمر خطب في يوم جمعة مرجعه من حجة الوداع وذكر حديث السقيفة, وذكر ابن عباس أنه عجل الرواح ذلك اليوم فوجد سعيد بن زيد جالسًا إلى ركن المنبر فدل على ما قلناه آنفا، على أن العشرة -رضي الله عنهم- وغيرهم من المهاجرين ممن توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو عنهم راضٍ، لكن لم يرد فيهم تنصيص على الرضا عنهم على التعيين كما ورد في هؤلاء، وللتخصيص بالذكر والتنصيص راجحية؛ فلذلك اعتمدها عمر -رضي الله عنه- وهذا في الاعتذار عن ذكر غيرهم من سعيد وغيره -رضي الله عنهم- أولى من جواب محمد بن جرير الطبري لما قيل له: العباس بن عبد المطلب مع جلالته وقربه من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومنزلته لم يدخله عمر في الستة في الشورى, فقال: إنه إنما جعلها في أهل السبق من البدريين، والعباس لم يكن مهاجرًا ولا سابقًا ولا بدريًّا، وهذا يعترض عليه بعثمان وطلحة فإنهما لم يحضرا بدرا, ولئن قال: ثبت لهما أجر بدريين وسهمهما فعدا من البدريين، قلنا: يشكل بسعيد بن زيد فإنه أسبق السابقين إسلاما وهجرة، وكان ممن لم يحضر بدرا إلا أنه أعطي سهم بدري وأجره فلينسحب عليه حكمهما، فعلم والحالة هذه أن لا موجب للتنصيص عليهم وتخصيصهم بالذكر دون غيرهم إلا ما تضمنه الحديث المذكور مما اعتمده عمر, والله أعلم.
ذكر اختيار كل واحد من أهل الشورى عثمان -رضي الله عنهم:
عن أسامة بن زيد عن رجل منهم أنه كان -يعني عبد الرحمن بن عوف- كلما دعا رجلا منهم -يعني من أهل الشورى- تلك الليلة ذكر مناقبه وقال: إنك لها أهل، فإن أخطأتك فمن? يقول: إن أخطأتني فعثمان. خرجه أبو الخير القزويني الحاكمي.