الكوفة فاستعتبوه فأعتبهم وأرضاهم، ثم وجدوا بعد انصرافهم كتابًا من عثمان عليه خاتمه إلى أمير مصر: إذا نلت القوم فاضرب رقابهم, فعادوا به إلى عثمان فحلف لهم أنه لم يأمر ولم يعلم فقالوا: إن هذا عليك شديد، يؤخذ خاتمك من غير علمك وراحلتك! فإن كنت قد غلبت على نفسك فاعتزل، فأبى أن يعتزل وأن يقاتلهم، ونهى عن ذلك وأغلق بابه, فحصروه أكثر من عشرين يوما وهو في الدار في ستمائة رجل، ثم دخلوا عليه من دار أبي حزم الأنصاري فضربه سيار بن عياض الأسلمي بمشقص في وجهه فسال الدم على مصحف في حجره، وأقام للناس الحج تلك السنة عبد الله بن عباس وصلى بالناس علي بن أبي طالب وخطبهم.
وروي عن عبد الله بن سلام أنه قال: لما حصر عثمان ولى أبا هريرة على الصلاة، وكان ابن عباس يصلي أحيانا، وأقام للناس الحج في ذلك العام عبد الله وكان عثمان قد حج عشر حجج متواليات. خرجه القلعي وقال الواقدي: حاصروه تسعة وأربعين يوما وقال الزبير: حاصروه شهرين وعشرين يومًا.
وذكر ابن الجوزي في شرح الصحيحين في شرح الحديث الخامس من مسند عثمان: أن الذين خرجوا على عثمان هجموا على المدينة، وكان عثمان يخرج فيصلي بالناس وهم يصلون خلفه شهرا ثم خرج من آخر جمعة خرج فيها فحصبوه حتى وقع عن المنبر ولم يقدر يصلي بهم، فصلى بهم يومئذ أبو أمامة بن سهل بن أبي حنيف ثم حصروه ومنعوه الصلاة في المسجد، فكان يصلي ابن عديس تارة وكنانة بن بشر أخرى -وهما من الخوارج على عثمان- فبقوا على ذلك عشرة أيام ثم قتلوه.
وفي رواية: أنهم حصروه أربعين ليلة وطلحة يصلي بالناس, وفي رواية: أن عليا صلى بهم أكثر تلك الأيام.
وروي أن الجهجاه الغفاري قال له بعد أن حصبوه ونزل من المنبر: