يصح ذلك وأبو موسى ما ولي لعثمان عملًا إلا في آخر السنة التي قتل فيها? ولم يرجع إليه؛ فإنه لما عزله عن البصرة بعبد الله بن عامر لم يتول شيئا من أعماله إلى إرسال أهل الكوفة -في السنة التي قتل فيها- أن يوليه الكوفة فولاه إياها ولم يرجع إليه؛ ثم يقال للخوارج والروافض: إنكم تكفرون أبا موسى وعثمان، فلا حجة في دعوى بعضهم على بعض.
وأما عزله ابن الأرقم ومعيقيبًا عن ولاية بيت المال؛ فإنهما أسنا وضعفا عن القيام بحفظ بيت المال.
وقد روي أن عثمان لما عزله خطب الناس وقال: ألا إن عبد الله بن الأرقم لم يزل على جرايتكم زمن أبي بكر وعمر إلى اليوم, وإنه كبر وضعف وقد ولينا عمله زيد بن ثابت.
وما نسبوه إليه من صرف مال بيت المال في عمارة دوره وضياعه المختصة فبهتان افتروه عليه؛ وكيف وهو من أكثر الصحابة مالا?! وكيف يمكنه ذلك بين أظهر الصحابة مع أنه الموصوف بكثرة الحياء، وأن الملائكة تستحي منه لفرط حيائه?! أعاذنا الله من فرطات الجهل وموبقات الهوى, آمين آمين.
"وقولهم": إنه دفع إليه ما فضل من بيت المال افتراء واختلاق, بل الصحيح أنه أمر بتفرقة المال على أصحابه ففضل في بيت المال ألف درهم فأمره بإنفاقها فيما يراه أصلح للمسلمين، فأنفقها زيد على عمارة مسجد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بعدما زاد عثمان في المسجد زيادة، وكل واحد منهما مشكور محمود على فعله.
وأما القضية الثالثة وهو ما ادعوه من حبس عطاء ابن مسعود, فكان ذلك في مقابلة ما بلغه عنه ولم تزل الأئمة على مثل ذلك، وكل منهما مجتهد، فإما مصيبان أو مخطئ ومصيب، ولم يكن قصد عثمان حرمانه البتة، وإنما التأخير إلى غاية اقتضى نظره التأخير إليها أدبًا، فلما قضى