للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال ابن إسحاق: أول ذكر أسلم وصلى وصدق بما جاء به محمد -صلى الله عليه وسلم- علي وهو ابن عشر سنين, وقال أيضًا: أول من أسلم علي ثم زيد بن حارثة ثم أبو بكر ثم أسلم رهط من المسلمين منهم: عثمان والزبير وطلحة وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبي وقاص, وكذلك ذكره ابن قتيبة في المعارف, وقال غيره من أهل العلم: أول من أسلم من الرجال أبو بكر وأسلم علي وهو ابن ثماني سنين وأول من أسلم من النساء خديجة, خرجه الترمذي والأولى التوفيق بين الروايات كلها وتصديقها فيقال: أول من أسلم مطلقًا خديجة بنت خويلد, وأول ذكر أسلم علي بن أبي طالب وهو صبي لم يبلغ كما تقدم في سنه وكان مستخفيًا بإسلامه, وأول رجل عربي بالغ أسلم وأظهر إسلامه أبو بكر بن أبي قحافة, وأول من أسلم من الموالي زيد بن حارثة, وهذا متفق عليه لا خلاف فيه, وعليه يحمل قول علي وغيره: أول من أسلم من الرجال أبو بكر أي: من الرجال البالغين.

ويؤيد ذلك ما روي عن الحسن١ قال: جاء رجل إلى علي بن أبي طالب فقال: يا أمير المؤمنين كيف سبق المهاجرون والأنصار إلى بيعة أبي بكر وأنت أسبق منه سابقة, وأروى منه منقبة؟ قال: فقال علي: ويلك إن أبا بكر سبقني إلى أربع لم أوتَهن ولم أعتض منهن بشيء؛ سبقني إلى إفشاء الإسلام, وقدم الهجرة, ومصاحبته في الغار, وأقام الصلاة وأنا يومئذ بالشعب يظهر الإسلام وأخفيه وتستحقرني قريش وتستوفيه, والله لو أن أبا بكر زال عن مزيته ما بلغ الدين العبرين -يعني الجانبين- ولكان الناس كرعة ككرعة طالوت, ويلك! إن الله -عز وجل- ذم الناس ومدح أبا بكر فقال: {إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ} ٢ الآية كلها, فرحمة الله على أبي بكر وأبلغ الله روحه مني السلام, خرجه في فضائل أبي بكر، وخرج


١ الحسن البصري من التابعين.
٢ سورة التوبة الآية: ٤٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>