للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

تقارب فيه اللفظُ، والأصلُ مختلفٌ– لأنه لم يثبت١ زيادة [١٨ب] الكاف في موضعٍ غيرِ هذا، فيُحملَ هذا عليه.

فإِن قيل: فإِذا كان الأمرُ على ما ذكرتَ فلمَ أَوردوا في حروف الزيادة اللّامَ الزائدةَ، في مثل "ذلك", والتاءَ الزائدةَ للتأنيث، في مثل قائمة، وهما ليسا كالجزء مما زيدا فيه؟ ألا ترى أنَّ "قائمًا"٢ اسمٌ كامل دون التاء, وكذلك "ذلك" اسمٌ كاملٌ دون اللّام؛ لأنك تقول: "ذاك"؟ فالجواب عن ذلك شيئان:

أحدُهما: أنَّ التاء الزائدة قد تكون، في موضع، من نفس الكلمة٣ نحو: عِفرِيت، وكذلك اللّام في نحو٤: عَبْدلٍ٥ وزَيدلٍ٦. فإِن قيل: فإِنَّ اللام في عَبدلٍ ليست من كمال الاسم؛ لأنك تقول: عَبْدٌ، وكذلك زَيدلٌ لأنك تقول: زَيدٌ. فالجواب أنَّ الذي يقول عبدلًا وزيدلًا ليس "عبد" و"زيد" عنده باسمين كاملين، بل هما بعضُ اسم، بدليل جعلهما حرفي إعراب كالدال من "زيد"٧. فلمَّا كانا من نفس الحرف في بعض المواضيع ذُكرا مع حروف الزيادة.

والآخَرُ: أنَّ تاء التأنيث في مثل قائمة واللّام في مثل "ذلك" بمنزلة ما هو من نفس الحرف. أمَّا تاء التأنيث فلأنها قد صارت حرف إِعراب. وأيضًا فإِنك لو أسقطتها لاختلَّت دلالة الاسم؛ لأنه كان يُعطي التأنيث، فإِذا سَقطت منه لم يبقَ ما يدلُّ على التأنيث، وصار مدلول الاسم شيئًا آخَر. وقد تلزم في بعض المواضع نحو: رَفاهِيَة٨ وكَراهِيَة وطَواعِيَة، لا يجوز حذفها في شيء من ذلك. وأمَّا اللّام فإِنها إِذا زيدت في اسم المشار صار اسم الإِشارة يقع على البعيد، فإِذا أسقطتها منه اختلَّت٩ دلالته التي كانت له مع اللّام، وصار يعطي القريب، نحو "ذا".

فإِن قيل: فلمَ أوردوا فيها الهاء، وهي لا تُزاد إِلَّا لبيانِ الحركة، فلم تتنزَّل منزلة الجزء مما زيدت فيه؟ فالجواب أنَّ المبرّد١٠ قد أخرجها لذلك من حروف الزيادة. وسنُبيّن كونها من


١ م: لم تثبت.
٢ م: قائم.
٣ م: البناء.
٤ سقط من م.
٥ عبدل: عبد.
٦ زيدل: زيد.
٧ سقط "بدليل جعلهما حرفي إعراب كالدال من زيد" من م.
٨ سقط من م.
٩ م: اختلفت.
١٠ هو أبو العباس محمد بن يزيد، إمام في اللغة والأدب والنحو، توفي سنة ٢٨٥. البلغة ص٢٥٠.

<<  <   >  >>