للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والصحيح أنَّهما لم يثبتا من كلام العرب١.

والدليل على زيادتها في الأفعال أنَّ "تمسكنَ" من لفظ المِسكين، والميم في مِسكين زائدة. وكذلك "تمدرعَ" من لفظ المِدرعة، والميم في المِدرعة أيضًا زائدة. وأيضًا فإِنَّ أكثر كلام العرب: تَسكَّنَ وتَدَرَّعَ. و"تَمَندَلَ" من المِنديل، والميم في المِنديل زائدة. و"تَمَنطَقَ" من النِّطاق. و"تَمَسلََمَ" أي: صار يُدعَى مَسلَمة٢ بعد أن كان يدعى بخلاف ذلك. فهو من لفظ مَسلَمة، والميم في مَسلمة زائدة. وكذلك "تَمَولَى علينا" أي: تَعاظَم علينا. فهو من لفظ المولَى، والميم في المولَى زائدة. و"مرحَبك الله ومَسهلَك" من الرُّحْبِ والسَّهلِ.

وزعم بعض النحويِّين أنَّ الميم في هِرماس وضُبارِم وحُلقُوم وبُلعُوم وسَرْطَم وصَلْقَم [٢٣أ] ودُخْشُم وجُلْهُمة زائدةٌ؛ لأنَّ هِرماسًا من أسماء الأسد. وهو يوصف بأنه هَرَّاس؛ لأنه يَهرس فريسته. وضُبارِم: الأسد الوثيق. فهو من الضّبْرِ. وهو شدَّة الخَلْق. والحُلقوم من الحَلق. والبُلعوم: مجرى الطعام في الحلق. فهو راجع لمعنى البَلع. والسَّرْطَم: الواسعُ السريعُ الابتلاع. فهو من السَّرْط وهو الابتلاع. والصَّلْقَم: الشديد الصُّراخ. فهو من الصَّلْق؛ لأنَّ الصَّلْق: الصِّياح. ودُخْشُم وجُلْهُمة: اسمان علَمان. فأمَّا دُخْشُم فمشتقٌّ من"دَخِش يَدخَشُ، إِذا امتلأ لحمًا٣. وأمَّا جُلهُمة فمن جَلْهة٤ الوادي. وهو ما استقبلك منه.

وينبغي عندي أن تُجعل الميم في هذا كلِّه أصليَّةً؛ وذلك لأنَّ زيادة الميم غير أوَّلٍ قليلةٌ، فلا ينبغي أن يُذهب إِليها، إِلَّا أن يقود٥ إِلى ذلك دليلٌ قاطع. وليست هذه الألفاظ كذلك.

أمَّا هِرماسٌ فهو من أسماء الأسد، وليس بصفة مشتقَّة٦ من الهَرْسِ. فلعلَّه اسمٌ مُرتَجلٌ، وليس مشتقًّا من شيء، إِذ قد يُوجد من الأسماء ما هو بهذه الصفة. أعني: ليس بمشتق من شيء.

وكذلك الأمر في دُخشُم وجُلهُمة؛ لأنهما اسمان علَمان، والأعلام قد يكون فيها المرتجل، وإِن كان أكثرها ليس كذلك.

وأمَّا ضُبارِم فقد يكون بمعنى: جَرِيء. يقال: رجلٌ ضُبارمٌ، أي: جريء على الأعداء. فلعلَّ


١ انظر المنصف ١: ١٣٠.
٢ كذا. والمشهور أنه يدعى مُسلِمًا. المنصف ١: ١٠٨ واللسان والتاج "سلم".
٣ في النسختين: غمًا.
٤ م: "جلهمة". وانظر المنصف ١: ١٥١.
٥ م: يقوم.
٦ ف: فتشتقه.

<<  <   >  >>