للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن قيل لك: ما وزن أحمَد؟ قلتَ: "أَفْعَلُ"؛ لأنَّ أحمد همزته زائدة، فأبقيتَها في الوزن بلفظها، وسائر حروفه كلّها أصول، فجعلتَ في مقابلتها الفاء والعين واللام.

فإن قيل لك: ما وزن عَقَنقَل؟ ١ قلتَ: "فَعَنْعَلٌ"؛ لأنَّ حرفين من حروفه زائدان –وهما النون وإِحدى القافين- وسائر حروفه أصليَّة٢، فجعلتَ٣ في مقابلة الأصول الفاء والعين واللام. وبقَّيتَ النون في المثال بلفظها لأنها زائدة٤، وجَعلتَ في مقابلة القاف الزائدة العينَ، ولم تزنها بلفظها؛ لأنها تكرَّرت من لفظ العين [٣٠ ب] ، فكرَّرتَها٥ في المثال من لفظ العين, حتَّى يوافق المثالُ الممثَّلَ.

فإن قيل: وما الفائدة في وزن الكلمة بالفِعل؟ فالجواب أنَّ المراد بذلك الإعلام بمعرفة الزائد من الأصليِّ، على طريق الاختصار؛ ألا ترى أنك إذا وزنت أحمد بـ"أَفْعَل" أغنى ذلك عن قولك٦: الهمزة من "أحمد" زائدة، وسائر حروفه أُصول. وكان أخصرَ منه.

فإن قيل: فلمَ كَنَوا عن الأُصول بالفاء والعين واللام:؟ فالجواب أنَّ الذي حَملهم على ذلك أنَّ حروف الـ"فعل" أُصول، فجعلوها لذلك في مقابلة الأُصول.

فإن قيل: فهلَّا كنَوا عن الأُصول بغير ذلك من الألفاظ التي حروفها أصول، كـ"ضرب" مثلًا؛ ألا ترى أنَّ الضاد والراء والباء أُصول؟ فالجواب أنهم لمَّا أرادوا أن يَكنوا عن الأُصول كنَوا بما مِن عادة العرب أن تَكنِيَ به، وهو "الفعل"؛ ألا ترى أنَّ القائل يقول لك: هل ضربتَ زيدًا؟ فتقول: فَعَلتُ. وتكني بقولك "فعلتُ" عن الضرب.

وزعم أهل الكوفة أنَّ نهاية الأُصول ثلاثة، فجعلوا الراء من "جعفر" زائدة، والجيم واللام من "سفرجل" زائدتين، وجعلوا وزن جعفر من الفِعل "فَعْلَلًا"، ووزن سفرجل: "فَعَلَّلًا"٧ كما فعلناه نحن، وأمَّا الكسائيُّ منهم فجعل الزيادة من جعفر وأشباهه ما قبلَ الآخِر.

وكان الذي حملهم على ذلك أن رأَوُا المثال يلزم ذلك فيه؛ ألا ترى أنَّ إحدى اللَّامين من "فَعْلَل" زائدة؟ وكذلك "فَعَلَّل" اللَّامان من هذه الثلاثة زائدتان. هكذا قياس كل مضعَّف. أعني أن يُحكم على أحد٨ المِثلَين أو الأمثال بالأصالة، وعلى ما عداه بالزيادة. فلمَّا رأى ذلك لازمًا


١ العقنقل: الكثيب العظيم من الرمل.
٢ م: أصليات.
٣ م: فجُعلت.
٤ سقط من م حتى "ولم تزنها بلفظها لأنها".
٥ سقط من م.
٦ ف: قولهم.
٧ سقط "ووزن سفرجل فعللًا" من م.
٨ م: إحدى.

<<  <   >  >>