للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأبدلت ألفًا كما فُعل ذلك بـ"كاس"، فصار "يُقدَرَامْ", فاجتمعت الألف مع الميم الساكنة، فأبدلت همزة مفتوحة فرارًا من اجتماع الساكنين. وقد تَقَدَّمَ في "الضرائر"١ أنه ممّا حُذف٢ منه النون الخفيفة، نحو قول الآخر٣:

اضرِبَ عَنكَ الهُمُومَ, طارِقَها ... ضَرْبَكَ بالسَّوطِ قَونَسَ الفَرَسِ

وأُبدلت أيضًا من الألف، وإنْ لم يكن بعدها ساكن. وذلك قليل جدًّا لا يُقاس لقلَّته في الكلام ولا في الضرورة. فقد رُوِيَ أنَّ العجَّاج يَهمِزُ "العالَم" والخاتَم"٤. قال:

يا دارَ سَلمَى, يا اسلَمِي, ثُمَّ اسلَمِي

ثمَّ قال٥:

فَخِندِفٌ٦ هامةُ هذا العأْلَمِ

وحُكِي عن بعضهم: تأْبَلتُ القِدرَ، إذا جعلتَ فيها التَّابَلَ٧.

وتكون الهمزة ساكنةً. إِلَّا أن تكون الألفُ في النِّيَّة متحرِّكةً فإنَّ الهمزة إذ ذاك تكون متحرِّكةَ بالحركة التي للألف في الأصل. فمن ذلك ما حكاه بعضهم مِن قولهم: قَوقأَتِ الدَّجاجةُ، وحَلَّأْتُ٨ السَّويقَ، ورثَأَتِ المرأةُ زَوجَها، ولَبَّأَ الرَّجلُ بالحجِّ. ومنه قول ابن كَثْوة٩:

ولَّى نَعامُ بَنِي صَفوانَ, زَوزَأَةً ... لَمَّا رأَى أَسَدًا, في الغابِ, قَد وثَبَا

ومنه ما أَنشده الفرَّاء، من قول الآخر١٠:


١ يريد كتابه الموسوم بالضرائر. انظر ص١١٢ منه.
٢ م. "متى حذفت". ويريد ابن عصفور أن الرجز المذكور حمله في كتاب الضرائر على حذف النون.
٣ ينسب إلى طرفة، وقيل إنه مصنوع عليه. ديوان طرفة ص١٩٥ والنوادر ص١٣ وسر الصناعة١: ٩٣ واللسان والتاج "قنس". وقونس الفرس: عظم ناتئ بين أذنيه. واضربَ أي: اضربَنْ. والطارق: الآتي ليلًا.
٤ م: "العألم والجأر". وانظر سر الصناعة ١: ١٠٢ وشرح الشافية ٣: ٢٠٤ وشرح شواهده ص٤٢٨.
٥ ديوان العجاج ص٥٨-٦٠ وشرح الشافية ٣: ٢٠٥ وشرح شواهدها ص٤٢٨ وسر الصناعة ١: ١٠١. وذكر ابن عصفور في "الضرائر" أن العجاج همز الألف هنا ضرورة، ليجنب البيت السناد. انظر ص٢٢٣ منه.
٦ في النسختين: وخندف.
٧ التابل: أبزار الطعام. وقد تهمز. الخصائص ٢: ١٤٥ وسر الصناعة ١: ١٠٢.
٨ الخصائص ٣: ١٤٦. قلت: التمثيل بقولهم "حلأْتُ" سهو؛ لأنَّ الهمزة فيه ساكنة لا متحركة.
٩ في النسختين: "قول كثير". والتصويب من الخصائص وسر الصناعة. والشاعر هو زيد بن كثوة. الخصائص ٣: ١٤٥ وسر الصناعة ١: ١٠٢ والحيوان ٦: ١١٦ والضرائر ص٢٢١ والمقرب ٢: ١٦٠ والمحتسب ١: ٣١٠ والصحاح واللسان والتاج "كثو" و"نعم" و"زوي". جعل أعداءه كالنعام. وهو إزاءهم كالأسد. والزوزأة من قولك: زوزى، إذا نصب ظهره وأسرع.
١٠ رؤبة. سر الصناعة ١: ١٠٢ وشرح الشافية ٢: ٢٥٠ و٣: ٢٠٤ وشرح شواهدها ص١٧٥-١٧٦. والدكاديك: مع دكداك. وهو الرمل المتلبد في الأرض. والبرق: جمع برقة. وهي غلظ فيه حجارة ورمل.

<<  <   >  >>