للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[٣٢ ب] فإذا كانت لا تُهمز في أوَّل الكلمة إِلَّا حيث سُمِعَ، مع أنَّ أوَّلَ الكلمة طرف، فالتغيير إليه أسرع من التغيير إلى الحشو، فالأحرى ألَّا تنقلب١ حشوًا. فلا تقول في عاوَدَ: "عاءَدَ"، ولا في ضَوارِب: "ضآرِب". ولا يُحفظ من كلامهم شيء من ذلك.

فإن كانت مكسورةً، أو واقعة موقعَ حرف مكسور، فلا يخلو أن تقع بعد ألف الجمع الذي لا نظير له في الآحاد أو لا تقع. فإن٢ لم تقع بعدها لم تُهمز. وهي في مثل قائم بدل من ألف لا من واو. فإن وقعت بعدها فلا يخلو أن يكون قبل الألف ياء أو واو أو لا يكون. فإن كان٣ قبلها واو أو ياء لزم قلب الواو همزة، إن كانت تلي الطرف. فتقول في جمع أوَّل: أَوائلُ، وفي جمع سَيِّد: سَيائدُ. والأصل "أَواوِل" و"سَياوِد"، فقُلبت الواو همزة لاستثقال الواوين والألف، أو الياء والواو والألف، وبناء الجمع الذي لا نظير له في الآحاد.

هذا مذهب جمهور النحويين، إِلَّا أبا الحسن الأخفش، فإنه كان لا يهمز من ذلك إِلَّا ما كانت الألف منه بين واوين، ويجعل ذلك نظيرًا للواوين إذا اجتمعا في أوَّل الكلمة. فكما أنك تهمز الأُولى منهما للعِلَّة التي تقدَّم ذكرها. فكذلك تهمز الواو الآخرة في أوائل وأمثاله. ولا يرى مثل ذلك، إذا اجتمعت ياءان أو واو وياء. ويقول: لأنه إذا التقى الياءان أو الياء والواو أوَّلًا، نحو بَيْن اسم موضع، ووَيل ويَوم، لم يلزم الهمز. فكذلك لا يُهمز عنده مثل: سَيائق٤ وسَيائد٥.

ما لم تَصِحَّ الواو في المفرد، في موضع ينبغي أن تعتلَّ٦ فيه، أو تكونُ الواو في نيَّة ألَّا تَلِيَ الطرف، فإنها تصحُّ إذ ذاك ولا يجوز أن تُبدل منها الهمزة. فتقول٧ في جمع ضَيْوَنٍ٨: ضَياوِنُ. ولا تقلب الواو همزةً لصحَّة الواو في ضَيْوَن، إذ قد٩ كان ينبغي أن يكون ضَيَّنًا وتقول١٠ في جمع عُوَّارٍ١١، إذا قَصرته للضرورة: عَواوِرُ؛ لأنَّ الأصل فيه "عَواوِير"، فلا تكون


١ م: "ألا يقلب". وقد حمل ههنا الواو حشوًا عليها أوَّلًا، وكان قد حمل قبلُ الواو أوَّلًا عليها حشوًا، انظر ص٢٢٢-٢٢٣.
٢ سقط حتى "لا من واو" من النسختين، وألحقه أبو حيان بحاشية ف عن نسخة الخفاف.
٣ المنصف ٢: ٤٣-٤٦.
٤ السيائق: جمع سيّقة. وهي ما سيق من النهب وطرد.
٥ سقط: "هذا مذهب جمهور النحويين.. وسيائد" من النسختين، وألحقه أبو حيان بحاشية ف. والسيائد: جمع سيّد وسيّدة. وانظر آخر هذا الباب.
٦ م: تعمل.
٧ المنصف ٢: ٤٦-٤٦.
٨ الضيون: السنَّور الذكر.
٩ م: "إذ وقد". وانظر ص١٥٠ و٢٠٤ و٢٢٤ و٣٢٩ و٤٣٠.
١٠ المنصف ٢: ٤٧-٥٠.
١١ العوار: القذى أو الرمد.

<<  <   >  >>