للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك: أَجَمَ في "وَجَمَ"، و١ امرأة أَناةٌ وأصله "وناةٌ" من الوُنِيِّ وهو الفُتور، وأَحَدٌ في "وَحَدٍ"، وأسماءُ في "وَسماءَ".

فإن وقعت غير أوَّل فلا يخلو من أن تكون مكسورة أو مفتوحة أو مضمومة. فإن كانت مضمومة جاز إبدالها همزة، بشرط أن تكون الضَّمَّة لازمة، وألَّا يمكن تخفيفها بالإسكان. قالوا٢ في جمع نارٍ: "أَنْؤُرٌ"، ودارٍ: "أَدْؤُرٌ"، وثَوبٍ: "أَثْؤُبٌ". قال٣.

لِكُلِّ حالٍ، قَد لَبِستُ أَثؤُبا

وإنَّما قُلبت همزة لِما ذكرنا من استثقال الضَّمَّة في الواو، مع أنه لا يمكن تخفيفها بالإسكان، لئلَّا يؤدِّي ذلك إلى التقاء الساكنين. ولو أمكن ذلك لم تُبدل همزةً، نحو قولهم: سُوُر٤، في جمع سِوار.

فإن كانت الضَّمَّة غيرَ لازمة لم تُبدل الواو همزة، لا تقول: هذا "غَزْءٌ" تريد: هذا غَزْوٌ، ولا تقول: "لَؤُ استَطَعنا" تريد: لوُ استَطَعنا؛ لأنَّ الضَّمَّة في غزو إعراب، وفي واو "لو" لالتقاء الساكنين, وحركة الإعراب وحركة التقاء الساكنين عارضتان٥، فلا يُعتدُّ بهما.

وزعم ابن جنِّي أنه لا يجوز قلب الواو المضمومة همزة إذا كانت زائدة، وإن اجتمع الشرطان؛ فلا يقال: "التَرَهْؤُكُ" في مصدر تَرَهوَكَ. والسبب في ذلك عنده أنها إذا كانت أصليَّة فإنَّ تصريف الكلمة، أو اشتقاقها، يدلُّ على أنَّ الهمزة مبدلة من واو، ولا يُتصوَّر ذلك فيها إذا كانت زائدة. فلو أُبدلت لأدَّى ذلك إلى الإلباس، في بعض المواضع، فلم يُدرَ: أزِيدَتِ ابتداءً، أم زِيدَتِ الواو أوَّلًا ثمَّ أُبدلت الهمزة منها؟ فلمَّا كان إبدال الزائدة يؤدِّي إلى الإلباس، في بعض المواضع، رُفض إبدالها. وممّا يقوِّي هذا المذهب أنها لا تُحفظ من واو زائدة مبدلةً٦.

وإن كانت مفتوحةً لم يجز قلبُها أصلًا؛ لأنَّ قلبها في أوَّل الكلمة –كما ذكرنا- لا يُقاس.


١ المنصف ١: ٢٣١-٢٣٢. وفي حاشية ف بخط أبي حيان: جاء في الحديث: "فقد ذهبتْ أَبَلَتُه" –وذلك من الثقل والوخامة– وقولهم: استوبلت البلد. وانظر الفائق والنهاية "أبل". وبخطه أيضًا عن ابن الخشاب أن أناة تحمل على كونها من "ء ن ي"، وأحد من الوحدة مع ورود "أحِّدْ أحِّدْ"، وأبلة من الوبالة، وناقة أفْتٌ للسريعة فيه قلب مكاني وإبدال لأنه في الأصل فوت مصدر وصف به، فقدمت الواو وأبدلت همزة. قلت: الصواب أنَّ الأفت لا قلب فيه ولا إبدال.
٢ المنصف ١: ٢٨٤.
٣ معروف بن عبد الرحمن. الكتاب ٢: ١٨٥ والمقتضب ١: ٢٩ و١٣٢ و٢: ١٩٩ وسر الصناعة ص٨٠٤ وديوان حميد بن ثور ص٦١ ومجالس ثعلب ص٣٧١-٣٧٢ والمنصف ١: ٢٨٤ واللسان "ثوب" والعيني ٤: ٥٢٢.
٤ م: أسؤر.
٥ م: عارضتين.
٦ سقط "وزعم ابن جني أنه ... زائدة مبدلة" من م. وفي الارتشاف ١: ١٢٦-١٢٧ أن هذا الحكم خلاف لابن جني.

<<  <   >  >>