للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهذا الوجه الآخر أَولى؛ لأنهم قد فعلوا مثل ذلك في المعتلِّ اللام١: التزموا في "فَعَلَ" من ذوات الواو "يَفعُلُ" بضمِّ العين نحو: يَغزُو، وفي مضارع "فَعَلَ" من ذوات الياء "يفعِلُ" بكسر العين نحو: يَرمِي، تفرقةً بين الياء والواو. وسنبيِّنُ ذلك بعدُ٢، إن شاء الله.

فإن قيل: فهلَّا فرَّقوا في مضارع [٤٢أ] "فَعِلَ" المكسورةِ العين، بين ذوات الياء والواو، فالتزموا في مضارع ذوات الواو "يَفعُلُ" بضمِّ العين، وفي مضارع "فَعِلَ" من ذوات الياء "يَفعِلُ" بكسر العين، كما فعلوا٣ في "فَعَلَ". فالجواب أنهم لو فعلوا ذلك لأخرجوا مضارع "فَعِلَ" المكسورِ العين عن قياسِهِ؛ لأنَّ المضارع منه إنَّما يأتي على "يَفعَلُ" بفتح العين. وليس كذلك "فَعَلَ"، بل مضارعه يأتي على "يَفعُلُ" و"يَفعِلُ". فالتزمنا في ذات الواو أحد الجائزين، وهو "يَفعُلُ" المضموم٤ العين، وفي ذوات الياء أيضًا أحد الجائزين، وهو "يَفعِلُ" المكسور العين.

فإن قيل: فإنَّ٥ الأصل "يَقْوُمُ و"يَصْوُلُ" و"يَبْيِعُ" و"يَكْيَدُ" و"يَخْوَفُ". فحرفا العلَّة -وهما الواو والياء- قد أُسكن٦ ما قبلهما، وإذا أُسكن ٧ ما قبلَ حرف العلَّة صَحَّ نحو: ظبْي وغزْو. وهذا في المعتلِّ اللام، فالأحرى أن يكون ذلك في المعتلِّ٨ العين؛ لأنَّ العين أقوى من اللام وأقربُ إلى أن تَصِحَّ. فالجواب٩ أنهم أَعلُّوا المضارع حملًا على الماضي، فلم يمكنهم أن يُعِلُّوا بقلب حرف العلَّة ألفًا، مع إبقاء سكون ما قبل حرف العلَّة، فأعلّوا بالنقل، فنقلوا حركة العين١٠ إلى الفاء، كما نقلوها في إسناد الفعل إلى ضمير المتكلم والمخاطب١١.

فلمَّا نقلوا في "يَقْوُلُ" و"يَطْوُلُ" صارا: يَقُولُ ويطُولُ. ولمَّا نقلوا في "يَبْيِعُ"١٢ صار: يَبِيعُ. ولمَّا نقلوا في "يَكْيَدُ" و"يَخْوَفُ" صارا "يَكَيْدُ" و"يَخَوْفُ". ثمَّ قلبوا الواو والياء ألفًا، لتحرّكهما١٣ في الأصل قبل النقل، وانفتاحِ ما قبلَهما في اللفظ، ولم يعتدُّوا بالسكون؛ لأنَّه


١ المنصف ١: ٢٤٥-٢٤٦.
٢ في الورقة ٥٠.
٣ ف: كما جعلوا.
٤ م: المضمومة.
٥ ف: إن.
٦ م: سكن.
٧ م: سكن.
٨ م: في المعتل اللام فكيف في المعتل.
٩ المنصف ١: ٢٤٧.
١٠ ف: فأعلوا بنقل حركة العين.
١١ كذا، بإغفال ضمير الإناث الغائبات. وانظر ص٢٨٨، ٢٩٥، ٢٩٦، ٣٠٧.
١٢ م: يَبِيع.
١٣ م: لتحركها.

<<  <   >  >>