للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عارض بسبب النقل، والعارضُ الغالبُ فيه ألَّا يُعتدَّ به.

وكذلك: قُمْ وبِعْ، وأصلُهما "اقْوُمْ" و"ابْيعْ"، ثمَّ نقلت حركة العين إلى ما قبلها، فتحرَّك١ فذهبت همزة الوصل؛ لأنها إنَّما أُتي بها لأجل الساكن، فزالت بزواله، ثمَّ سكَّنوا الآخِر، وحذفوا حرفَ العلَّة لالتقاء الساكنين.

ويُحكى٢ أنَّ أبا عُمرَ٣ الجَرميَّ -رحمه الله- دخل بغداذ، وكان بعض كبار الكوفيِّين يغشاه ويكثر عليه المسائل - ويقال هو الفرَّاء٤- وهو يجيبه. فقال له بعض أصحابه: إنَّ هذا الرجل قد ألحَّ عليك بكثرة المسائل فلمَ لا تسأله؟ فلمَّا جاءه قال له: يا أبا فلان، ما الأصل في "قُمْ"؟ فقال له: "اقْوُمْ". فقال له: فما الذي عملوا به؟ فقال: استثقلوا الضَّمَّة على الواو، فأسكنوها. فقال له: أخطأت لأنَّ القاف قبلها ساكنة. فلم يَعُدْ إليه الرجل بعدها.

فأمَّا اسم الفاعل من "فَعَلَ" فـ"فاعِلٌ" نحو: قائم وبائع. وقد ذكرنا من أيِّ شيء أُبدلت الهمزة٥، في باب البدل.

وأمَّا من "فَعُلَ" المضمومة العين فعلى قياس الصحيح. فتقول: طَويل، كما تقول: ظَريف.

وأمَّا مِن "فَعِل"، إن جاء على "فاعِل"، فإنك تُبدل الهمزة من العين نحو "خائف"، وقد ذكر في البدل٦، وإن جاء على "فَعِل" فإن حرف العلَّة ينقلب ألفًَا لتحرُّكه وانفتاح ما قبله، كما فُعِل بالفعل٧، نحو: خافٍ٨ ومالٍ، اسما فاعل من "خافَ٩ الرجلُ"، و"مالَ" إذا كثر ماله. جاء على "فَعِل" على حدِّ قولهم: حَذِرَ يَحذَرُ فهو حذِرٌ، في الصحيح١٠.

فإن كان الفعل مبنيًّا للمفعول١١ صيَّرتَه على "فُعِلَ"، فتضمُّ فاءه وتكسر عينه، فتقول "قُوِلَ"


١ م: إلى فاء قبلها فتحركت.
٢ المنصف ١: ٢٤٨.
٣ م: أبا عمرو.
٤ كان بين الفراء والجرمي مناظرات. انظر إنباء الرواة ٢: ٨١ وتاريخ بغداد ٩: ٣١٣-٣١٥. والقصة هذه في الخصائص ٣: ٢٩٩ والمزهر ٢: ٣٧٧-٣٧٨.
٥ في الورقة ٣١.
٦ في الورقة ٣١.
٧ المنصف ١: ٣٣٣.
٨ م: جاف.
٩ م: جاف.
١٠ سقط "جاء على فعل ... في الصحيح" من م.
١١ المنصف ١: ٢٤٨-٢٥٠.

<<  <   >  >>