للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لوجب قلب حرف العلَّة ألفًا، كما وجب ذلك في "فَعَلٍ" و"فَعِلٍ" بفتح العين وكسرها، وإن لم يُحفظ١ شيء من ذلك في كلامهم.

فإن قيل: وما الدليل على أنَّ بابًا ودارًا وساقًا وأمثالها على "فَعَلٍ" بفتح العين، في الأصل، ولعلَّها مضمومة في الأصل أو مكسورة؟ فالجواب أنه لا بدَّ من ادِّعاء أنَّ العين متحرِّكة في الأصل؛ لأنَّ الألف لا تكون أبدًا أصلًا، إلَّا مُنقلبةً عن ياء أو واو، ولا يُمكن أن يُدَّعى قلبُ الألف في باب ودار وساق إِلَّا عن حرف علَّة متحرِّك، إذ لو كان ساكنًا في الأصل لصحَّ كما صحَّ قَوْلٌ وبَيْنٌ. فإذا ثَبَت أنه متحرِّك٢ في الأصل فأولى ما يُدَّعى من الحركات الفتحةُ؛ لأنها أخفُّها؛ ولأنَّ "فَعَلًا"٣ المفتوحَ العين أكثرُ من "فَعُلٍ" و"فَعِلٍ"، بضمِّ العين وكسرها.

وأمَّا٤ خافٌ ومالٌ وصافٌ فالذي يدلُّ على أنَّها "فَعِلٌ"، في الأصل, أنَّها أَسماءُ فاعلِينَ، من "فَعِلَ" نحو: خافَ يَخافُ وصافَ يَصافُ ومالَ يَمالُ. فمجيء المضارع على "يَفعَلُ" دليلٌ على أنَّ الماضي على "فَعِلَ". واسم الفاعل من "فَعِلَ" يأتي على "فَعِلٍ" بكسر العين، نحو: فَرِقَ فهو فَرِقٌ وحَذِرَ فهو حَذِرٌ. ولا يأتي على "فَعَلٍ" ولا "فَعُلٍ" بضمِّ العين أو فتحها.

ولا تصحُّ العين في شيء، مما جاء على وزن الفعل، إِلَّا فيما٥ كان مصدرًا لفعل لا يعتلُّ، نحو: العَوَرِ والصَّيَدِ؛ لأنهما مصدران لـ"عَوِرَ" وصَيِدَ"، فصَحَّا كما صحَّ فعلُهما. أو ما جاء شاذًّا٦ -نحو: القَوَدِ والحَوَكةِ ورَوِعٍ وحَوِلٍ- فإنَّ العين صحَّت فيها٧، وكان القياس إعلالها كما تَقَدَّمَ. وفي ذلك مَنْبَهة على ما ادَّعينا من أنَّ الأصل في باب: "بَوَبٌ وفي مال: "مَوَلٌ"، وأمثالهما.

فإن٨ قال قائل: لأيِّ شيء لم تَجرِ هذه الأسماء التي هي على وزن الفعل، على أصلها فتصحَّ، ليكون ذلك فرقًا بينها وبين الفعل، كما فعلوا ذلك فيما لحقته الزوائد، فقالوا "هو أطوَلُ منه" فصحَّحوا، فرقًا بينه وبين "أطالَ" على ما تبيَّن في موضعه؟ ٩ فالجواب أنَّ ما لحقته زيادة.


١ في حاشية ف بخط أبي حيان: "حُفظ: هَيُؤَ الرجلُ فهو هَيِّئ: حَسُنَتْ هيئته. نقله ابن مالك". قلت: وهذا وهم، فالحاشية ليس لها علاقة بما يذكره ابن عصفور؛ لأنه يتحدث عن الاسم الذي على وزن "فعُل"، وما في الحاشية هذه خاص بالفعل. انظر ص٢٨٩.
٢ سقط من م.
٣ ف: فعل.
٤ المنصف ١: ٣٣٣.
٥ م: إِلَّا ما.
٦ المنصف: ١: ٣٣٣-٣٣٤.
٧ ف: فيهما.
٨ سقط من النسختين حتى قوله "فأمن اللبس"، وألحقه أبو حيان بحاشية ف.
٩ انظر ص٣١٣.

<<  <   >  >>