للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأصل، نحو: يُقامُ ويُستَقامُ، ويُبانُ ويُستَبانُ.

وكذلك اسم الفاعل واسم المفعول، تُعِلُّهما حملًا على الفعل. وذلك نحو: مُستَبِين ومُستَبان، ومُستَقِيم ومُستَقام، ومُقِيم ومُقام، ومُبِين ومُبان, الأصل "مُستَقْوِمٌ" و"مُستَقْوَمٌ"١، و"مُستَبْيِنٌ" و"مُستَبْيَنٌ"، و"مُقْوِمٌ" و"مُقْوَمٌ"، و"مُبْيِنٌ" و"مُبْيَنٌ". فعَمِلتَ بهما ما عملت بالمضارع.

ولا يصحُّ شيء من ذلك، إِلَّا أن يكون فعلَ تعجُّب٢، نحو: ما أَقْوَلَهُ وما أَطْوَلَهُ! وأَقْوِلْ به وأطْوِلْ بِهِ! فإنه يصحُّ لشَبَهِه بـ"أَفْعَلَ" التي للمفاضلة، نحو: هو أَقوَلُ منه وأَطوَلُ. ووجه الشَّبه بينهما أنهما لا يُبنيان إِلَّا من شيء واحد، وأنَّ فعلَ التعجُّب فيه تفضيل للمتعجَّب منه على غيره٣، كما أنَّ "أَفعَلَ" يقتضي التفضيل، وأنَّ فعل التعجُّب لا مصدر له ولا يتصرَّف، فصار بمنزلة الاسم٤ لذلك.

وما عدا فِعلَ التعجُّب لا يصحُّ إِلَّا فيما شذَّ. والذي شذَّ من٥ ذلك: استَنْوَقَ الجَمَلُ واستَصْوَبتُ٦ رأيَهُ -حكاهما ابنُ مِقسَم عن ثعلب٧- واستَتيَسَتِ الشَّاةُ واستَرْوَحَ٨ واستَحْوَذَ. ولا يُحفَظُ في شيء من ذلك [٤٥ب] المجيءُ على الأصل.

وشذَّ من "أَفْعَلَ": أَطْيَبَ وأَجْودَ وأَغْيَلَتِ المَرأة وأَطْوَلْتَ. قال٩:

صَدَدْتَ, فأطْوَلتَ الصُّدُودَ, وقَلَّما ... وِصالٌ, علَى طُولِ الصُّدُودِ, يَدُومُ

وقد سُمِعَ: أَطالَ وأَجادَ وأَطابَ. وأمَّا "أَغْيَلَ" فلا يحفظُ فيه كافَّةُ النَّحويِّين إِلَّا التَّصحيحَ، إِلَّا أبا زيد الأنصاري فإنه حكى: أغْيَلَتِ المرأةُ وأَغالَتْ بالتَّصحيح والإعلال.

وجميع هذه الشواذِّ مَنْبَهةٌ على ما ادَّعيناه، من أنَّ أصل١٠ أَقامَ: "أَقْوَمَ"، واستقامَ: "استَقْوَمَ".


١ ف: يستقوم ويُستقوم.
٢ المنصف ١: ٣١٥-٣٢١.
٣ سقط "على غيره" من م.
٥ المنصف ١: ٢٧٦- ٢٧٩.
٦ م: استضويت.
٧ مجالس ثعلب ص٤٧٠ والمنصف ١: ٢٧٧.
٨ سقط من م.
٩ ينسب إلى عمر بن أبي ربيعة والمرار الفقعسي. الكتاب ١: ١٢ و٤٥٩ وشرح أبياته ١: ١٠٤ والأغاني ١٠: ٣١٥ والمقتضب ١: ٨٤ والإنصاف ص٨٤ والمغني ص٣٣٩ وشرح شواهده ص٧١٧ وشرح أبياته ٥: ٢٤٦ وديوان المرار ص٤٨٠ والمنصف ١: ١٩١ و٢: ٦٩ والمحتسب ١: ٩٦ والخصائص ١: ١٤٣ و٢٥٧ وديوان عمر ص ٤٩٤ والخزانة ٤: ٢٨٧-٢٩٠ وشرح المفصل ١٠: ٧٦. وفي حاشية ف بخط أبي حيان عن إيجاز التعريف لابن مالك بعض ما شذ في تصحيحه تنبيهًا على خفته، وأنَّ أبا زيد جعله قياسيًّا لا سماعيًّا.
١٠ المنصف ١: ١٩٠-١٩١.

<<  <   >  >>