للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإن كانَ على وزن "افعَلَّ" أو "افعالَّ"، نحو: ابيَضَّ وابياضَّ، واعوَرَّ واعوارَّ، فإنَّ العين تصحُّ ولا تَعتلُّ١. وإنَّما لم تعتلَّ؛ لأنَّك لو أعللتَ "ابيَضَّ" و٢ "اعوَرَّ" لقلتَ "باضَّ" و"عارَّ"، فيلتبس بـ"فاعَلَ". وذلك أنك كنت تنقل الفتحة من الياء والواو إلى الساكن قبلهما، وتحذف ألف الوصل لزوال الساكن، وتقلب الواو والياء ألفًا، لتحرُّكهما في الأصل وانفتاح ما قبلهما في اللفظ.

وكذلك لو أَعللَت "ابياضَّ" واعوارَّ" لَلِزمك أن تقول "باضَّ" و"عارَّ" فيلتبس بـ"فاعَلَ". وذلك أنك إذا فعلت بهما٣ ما فعلتَ بـ"افعَلَّ" التقى ساكنان: ألف "افعالَّ" والألفُ المبدلة، فتحذف إحداهما، فيصير اللفظ "باضَّ" و"عارَّ".

وممّا يوجب أيضًا تصحيحَ "افعلَّ" و"افعالَّ" أنَّ المزيد إنَّما اعتلَّ بالحمل على غير المزيد، [وغيرُ المزيد] ٤ ممّا هو في معنى "افعَلَّ" و"افعالَّ" لا يعتلُّ٥ نحو: عَوِرَ وصَيِدَ. فليس لـ"افعَلَّ" و"افعالَّ" ما يُحملان عليه في الإعلال.

فإن كان الاسم على أزيدَ من ثلاثة أحرف فلا يخلو من أن يكون موافقًا للفعل في وزنه، أو لا يكون. فإن كان موافقًا للفعل في وزنه٦ -وأعني بذلك أن يكون عدد حروفه موافقًا لعدد حروف الفعل، وحركاتُه كحركاته وسكناتُه كسكناته– فلا يخلو من أن يكون موافقًا للفعل في جنس الزيادة فلا٧ يخلو من أن يكون إعلاله إعلالَ الفعل مصيِّرًا له على لفظ الفعل، أو لا يكون.

فإن لم يكن مصيِّرًا له على لفظه أعللته لأمن اللَّبس. وذلك نحو أن تبني من القول اسمًا على "يُفْعُلٍ" بضمِّ الياء والعين، فإنك تقول "يُقْوُلٌ". وكذلك إن بنيته من البيع قلتَ "يُبِيْعٌ". والأصل "يُبْيُعٌ"، فنقلت الضَّمَّة من الياء إلى الباء، فصارت الياء ساكنة بعد ضمَّةٍ، فقلبت الضَّمَّة كسرة لتصحَّ الياء، كما فعلوا في بِيْض ومَبِيع، في مذهب٨ [سيبويه في إعلالهما. هذا مذهب جماعة


١ المنصف ١: ٣٠٤-٣٠٥.
٢ م: أو.
٣ م: به.
٤ من م.
٥ علق عليه أبو حيان في حاشية ف بما يلي: "قد نبهنا على هذا قبل، فانظره". يريد أن ابن عصفور حمل ههنا المزيد على غير المزيد في الاعتلال، مع أنه كان قد حمل من قبلُ غير المزيد على المزيد في ذلك. انظر ص٣٠٥ و٣٠٧ و٣٦٢.
٦ سقط "أو لا يكون ... في وزنه" من م.
٧ سقط من النسختين إلى قوله "لم يعلَّ لئلَّا يلتبس"، وألحقه أبو حيان بحاشية ف.
٨ انظر الكتاب ٢: ٣٦٥-٣٦٦.

<<  <   >  >>