للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن ذلك١ "أَشاوَى" في معنى أشياءَ. حُكي من كلامهم: إنَّ لكَ عِندي لأشاوَى. وفيها خلاف أيضًا.

فمذهب المازنِيِّ٢ أنها جمع أشياءَ. وكان الأصل أن يقال "أشايا"٣، فأُبدلت الياء واوًا٤ شذُوذًا, كما قالوا: جَبَيتُ الخَراجَ جِباوةً. ففيها على هذا شذوذان: قلب اللام إلى أوَّل الكلمة، وقلب الياء واوًا.

ومذهب سيبويه٥ أنها جمع "إشاوة"، وإن لم يُنطق بها. وتكون "إِشاوة" المتوهَّمة كأنها في الأصل "شِياءَة" فقلبت اللام إلى أوَّل الكلمة، [وأُخِّرت العين إلى موضع اللام] ٦، وأُبدِلت الياء واوًا. فلمَّا جمعوا فعلوا به ما يُفعل بـ "عِلاوة"٧ -وسيُذكر ذلك في المعتلِّ اللَّام- فقالوا: أَشاوَى، كما قالوا: عَلاوَى.

ورأى سيبويه أنَّ هذا أَوْلى، ليكونَ الشُّذوذ في المُتوهَّم -وهو المفرد الذي لم يُنطق به- ثمَّ يجيء الجمع على قياس المفرد. وإذا جعلنا أَشاوَى جمع أشياءَ كان الشُّذوذُ في الملفوظ به. وأيضًا٨ فإنَّ أبا الحسن الأخفش حكى أنَّ العرب التزمت فيه الفتح٩، فلم يقولوا "أشاوٍ" كصحارٍ، فدلَّ ذلك على أنَّه ليس جمع أشياء بل جمع إِشاوة. ولذلك التزم فيه الفتح كما التزم في جمع إِداوة وهِراوة وأمثالهما.

وذهب بعض النَّحويِّين١٠ إلى أنَّ أَشاوَى غير مقلوب، وأنَّ الواو غير مبدلة [من ياء] ١١، وجعله من تركيب "أش و". وقد جاء١٢ ذلك في قول الشاعر١٣:

وحَبَّذا, حِينَ تُمسِي الرِّيحُ بارِدةً, ... وادِي أُشَيٍّ, وفِتيانٌ بِهِ, هُضُمُ


١ المنصف ٢: ٩-١٠٠ والإنصاف ص٨٠٧ وشرح الشافية ١: ٣١
٢ المنصف ٢: ٩٤.
٣ م: "أشائي". ف: "أشاي". وفي حاشيتها: "أشاوِيُّ". والتصويب من المنصف ٢: ٩٩.
٤ ف: الواو ياء.
٥ الكتاب ٢: ٣٧٩-٣٨٠.
٦ من شرح الشافية ١: ٣١.
٧ العلاوة: أعلى الرأس. وانظر الورقة ٥٧.
٨ سقط حتى قوله: "وأمثالهما" من النسختين، وألحقه أبو حيان بحاشية ف نقلًا عن خط المصنف.
٩ كذا. وجاء عنهم الكسر. التاج "شيأ".
١٠ المنصف ٢: ٩٩-١٠٠.
١١ من م.
١٢ م: وقد وجدنا.
١٣ زياد بن منقذ أو زياد بن حمل. وينسب إلى المرار بن منقذ وبدر بن سعيد. المنصف ٢: ٩٩ وشرح الحماسة للمرزوقي ص١٣٩٠ وللتبريزي ٣: ٣٢٥ والأغاني ٩: ١٥٤ وزهر الآداب ٤: ١٩٥ والعيني ١: ٢٥٧ وشرح شواهد المغني ص٤٩ والخزانة ٢: ٣٩١-٣٩٣ ومعجم البلدان ١: ٢٦٧ و٥: ٣٥٩ ومعجم ما استعجم ص١٦١ واللسان والتاج "هضم". والهضم: جمع هضوم. وهو الذي ينفق ما له في الشتاء.

<<  <   >  >>