للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فحَملوا المضارع على الماضي في الإعلال، وإن لم يكن في المضارع كسرةٌ قبل الواو تُوجب قلبها ياء، كما كان ذلك في الماضي. وإذا حملوا اسم الفاعل والمفعول على الفعل في الإعلال، في نحو: قائل وبائع ومَقُول ومَبِيع، فحملُ الفعلِ أَوْلى.

إِلَّا لفظةً واحدةً شذَّت فقُلبت الألف فيها ياء وأصلها الواو، ولم تُقلب في الماضي ياء، وهي١: شأَى٢ يَشْأَى، من الشَّأو٣, فإنهم قالوا: يَشْأَيانِ، وكان القياسُ "يَشْأَوانِ". لكنَّهم شذُّوا فيه فقلبوا الألف ياء لغير مُوجِب. وعلَّل ذلك أبو الحسن بأن قال: لمَّا كان "شأَى": "فَعَلَ"، وجاء مضارعه على "يَفعَلُ" نحو: "يَشأَى""يَفعَلُ" إنَّما هو مضارع "فَعِلَ" المكسور العين- عاملوه معاملة مضارع "فَعِلَ" من ذوات الواو، نحو: رَضِيَ٤ يَرضَى. فكما قالوا: "يَرضَيانِ" قالوا: يَشْأَيانِ.

وهذا الذي علَّل به أبو الحسن باطلٌ؛ لأنَّ "شأَى" عينه٥ حرف حلقٍ، وما عينه حرف حلق فإنَّ قياس مضارعه أن يجيء على "يَفْعَلُ" بفتح العين، نحو: جأرَ يَجأرُ. ولو كان هذا القَدْر يوجب قلب الألف ياء لوجب أن تَثبُت الواو في مثل: يَطأُ ويَسَعُ، كما يُفعَلُ٦ ذلك في [٥١أ] مضارع "فَعِلَ" الذي فاؤه٧ واو، نحو وَجِلَ يَوْجَلُ. فكما لم يُرْع هنا شَبَهُه بـ"فَعِلَ"، فكذلك ينبغي أن يُفعل في "يَشأَى".

وكأنَّ أبا الحسن أخذ هذا التعليل من سيبويه، حيث علَّل كسرَ أوَّل "تِئبَى"، وإن٨ كان الماضي على "فَعَلَ"، وإنَّما يُكسر أوَّل المضارع من "فَعِلَ"، بكون المضارع جاءَ على "يَفْعَلُ"٩. فلمَّا جاء مضارعُه كمضارعِ "فَعِلَ" المكسور العين كُسر أوَّل المضارع، كما يُكسر أَوَّل المضارع من "فَعِلَ".

وليس ما ذهب إليه أبو الحسن مثل ما ذكر سيبويه؛ لأنَّ "أَبَى" ليس لامه١٠ حرفَ حلق، فكان قياس مضارعه أن يجيء على "يَفعِلُ" بكسر العين، فجاء مضارعه مفتوح العين كمضارع "فَعِل". فتوهُّمُ ماضي "يأبَى" على "فَعِل" توهُّمٌ صحيح.


١ في النسختين: وهو.
٢ سقط من م. وشأى القوم: سبقهم.
٣ م: الشأى.
٤ سقط من م.
٥ سقط من م.
٦ ف: كما تفعل.
٧ م: لامه.
٨ انظر الكتاب ٢: ٢٥٦ م: ولو.
٩ م: يفعُل.
١٠ كذا. والصواب: ليس عينه أو لامه.

<<  <   >  >>