للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما كان من هذه الأفعال المضارَعة في آخره واو أو ياء فإنه يكون في موضع الرفع١ ساكنَ الآخر نحو: يَغزُو ويَرمِي. فتُحذف الضَّمَّة لاستثقالها في الياء والواو؛ لأنها مع الواو بمنزلة واوين، ومع الياء بمنزلة ياء وواو. وذلك ثقيل.

ويكون٢ في موضع الجزم محذوف الآخِر، نحو: لم يَرمِ ولم يَغْزُ. وإنَّما حُذفت الياء والواو في الجزم، لئلَّا يكون لفظ المرفوع كلفظ المجزوم لو أُبقيَت الياء والواو. وأيضًا فإنَّ الياء والواو لمَّا عاقبَتا الضَّمَّة فلم تظهر معهما، أُجريَتا مُجرى الضَّمَّة، فحُذفتا للجزم كما تُحذف الضَّمَّة.

ويكون٣ في موضع النَّصب٤ مفتوح الآخِر، نحو: لن يَغزُوَ ولن يَرمِيَ؛ لأنَّ الفتحة خفيفة. وقد تُسْكِن الياء والواو في موضع النصب ضرورةً٥، تشبيهًا لها بالضَّمَّة أو للياءِ والواوِ بالألف, فتقول: لن يَغزُوْ ولن يَرمِيْ. ومن ذلك قولُه٦:

وأَن يَعرَيْنَ, إِن كُسِيَ الجَوارِي ... فتَنبُوْ العَينُ, عن كَرَمٍ, عِجافِ.

يريد: فتَنبُوَ العينُ. وقولُ٧ الأخطل٨:

إِذا شئتَ أن تَلهُوْ, بِبَعضِ حَدِيثِها, ... رَفَعْنَ, وأَنزَلْنَ القَطِينَ, المُوَلَّدا

كما أنهما قد تُثبِتُ فيهما الضَّمَّة، ولا تَحذف في الجزم آخرَ المعتلِّ، وتجريه مُجرى الصحيح٩ -وذلك في الضرورة أيضًا- نحو: يَغزُوُ ويَرمِيُ. وعلى ذلك قوله١٠.

ألَم يأتِيكَ, والأنباءُ تَنمِي ... بِما لاقَتْ لَبُونُ بَنِي زِيادِ؟


١ المنصف ٢: ١١٣-١١٤.
٢ م: وتكون.
٣ في النسختين: وتكون.
٤ المنصف ٢: ١١٤-١١٥.
٥ هذا هو الشائع لدى جمهور النحاة. والصواب أنه ليس ضرورة. بل هو للتخفيف.
٦ هو عيسى بن فاتك الخارجي أو أبو خالد القناني أو سعيد بن مسحوج أو عمران بن حطان. اللسان "كرم" و"كسا" والخصائص ٢: ٢١٢ و٣٤٢ واللسان والتاج "عجف" والكامل ص٨٩٥ وشرح شواهد المغني ص٣٠٠ وعيون الأخبار ٣: ٩٧ والوحشيات ص٩٠ ومعجم الشعراء ص٩٥-٩٦ والأغاني ١٦: ١٤٦. وكرم: كريمات. يذكر بناته وأنهن كن سبب قعوده عن نصرة الخوارج.
٧ في النسختين: وقال.
٨ ديوانه ص٩٠ والمنصف ٢: ١١٥ والخزانة ٣: ٥٢٩. ورفعن: سرن سيرًا دون العدو. والقطين: الخدم. يقول: إذا أردت أن تلهو بحديثهن أسرعن السير وأنزلن خدمهن لئلا يسمعوا حديثهن.
٩ م: "ولا تحذف إجراء للمعتل مجرى الصحيح". وكذلك في إحدى النسخ كما جاء في حاشية ف.
١٠ قيس بن زهير العبسي. الكتاب ٢: ٥٩ والمنصف ٢: ١١٤-١١٥ والمغني ص١٠٨ وشرح شواهده ص١١٣ والإنصاف ص٣٠ وشرح الشافية ٣: ١٨٤. وشرح شواهدها ص٤٠٨ والعيني ١: ٢٣٠-٢٣٤ واللسان والتاج "أتي". يفخر بنهبه إبل بني زيد وبيعها. واللبون: ذات اللبن من النوق.

<<  <   >  >>