للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فأمَّا قوله١:

إِذا ما المَرْءُ صَمَّ, ولَم يُكَلَّمْ, ... ولَم يَكُ سَمعُهُ إِلَّا دُعايا٢

وسائر أبيات [هذه] ٣ القصيدة٤ فضرورة، ولم يُسمع مثله في غير هذا الموضع. ووجهه أنه أجرى ألف الإطلاق مُجرى تاء التأنيث التي بُنيت عليها الكلمة. فكما لم تُقلب الواو ولا الياء, في مثل: إِداوة ونِهاية، همزة فكذلك لم تُقلب في "دُعايا" وأخواته٥.

فإن كان الساكن ياء أو واوًا أدغمتَ٦ فيما بعده. فإن كان الساكن مخالفًا للام -أعني بأن يكون أحدهما واوًا والآخر ياء- قُلبت الواو ياء تَقدَّمتْ أو تأخَّرتْ، وأُدغمت الياء في الياء نحو: بَغِيّ وسَرِيّ. أصلهما "بَغُوْيٌ" و"سَرِيْوٌ"٧، فقُلبت الواو ياء وأُدغمت الياء٨ في الياء, ثمَّ قُلبت الضَّمَّة التي في العين من "بَغيّ" كسرة، لتصحَّ الياء. والدليل على أنَّ بَغِيًّا: "فَعُول" كونه للمؤنَّث بغير تاء. قال الله تعالى٩: {وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا} . ولو كان بَغِيّ١٠: "فَعِيل" لكان بالتاء كظريفة.

فإن كان الساكن موافقًا للام أدغمتَ من غير قلب. وذلك نحو: عَدُوّ ووَلِيّ. وقد حُكي القلب في الواو -وهو قليل- قالوا١١: أَرضٌ مَسنِيَّةٌ، من "يَسنُوها [٥٢ب] المطَرُ"١٢ وقالوا: مَعْدِيٌّ، من "عَدَوتُ". قال١٣:


١ أعصر بن سعد بن قيس عيلان أو المستوغر بن ربيعة. المنصف ٢: ١٥٦ وضرائر الشعر ص٢٣٠ وطبقات فحول الشعراء ص٢٩-٣٠ وحماسة البحتري ص٢٠٣ وسر الصناعة ١: ١٨٣ واللسان "حمي". وذكر عجزه في حديث لابن عوف: النهاية واللسان والتاج "ودي" و"ندي".
٢ م: "دعابا". وتحتها في الطيارة. "ندايا". وهذه رواية أخرى.
٣ من م. ورواية حماسة البحتري للأبيات بالهمزة رويًا لا بالياء.
٤ سقط من م حتى قوله "في دعايا وأخواته".
٥ ألحق أبو حيان بحاشية ف: "وإن كان [الساكن] ياء أو واوًا فإنك تدغمها في الياء والواو اللتين تكونان لازمتين. إِلَّا أنه إذا كانت اللام ياء وما قبلها ياء أدغمت الياء في الياء من غير تغيير، نحو: وليّ. وإن كانت اللام واوًا والساكن قبلها ياء، أو اللام ياء". وقد تعذر عليّ إلحاقه بالمتن؛ لأنه يخل بالتعبير، وسيرد مضمونه بعد.
٦ م: وأدغمت.
٧ في النسختين: "وسروي". وفي حاشية ف بقلم مخالف. وسريو لأنه من سرو.
٨ سقط من م.
٩ الآية ٢٨ من سورة مريم.
١٠ م: بمعنى.
١١ المنصف ٢: ١٢٧-١٧٨. والمسنية: المسقيَّة.
١٢ م: يسنو ماء المطر.
١٣ عبد يغوث الحارثي. شرح اختيارات المفضل ص٧٧١ والكتاب ٢: ٣٨٢ والمنصف ١: ١١٨ و٢: ١٢٢ وشرح الشافية ٣: ١٧٢ وشرح شواهده ص٤٠٠-٤٠١ والخزانة ١: ٦١٦ والاقتضاب ص٤٦٧.

<<  <   >  >>