للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقَد عَلِمتْ عِرسِي مُلَيكةُ أنَّنِي ... أنا اللَّيثُ, مَعْدِيًّا علَيهِ, وعادِيا

وإنَّما جاز القلب، على قلَّته، لكون١ الواو متطرِّفةً لم يَفصِل بينها٢ وبين الضَّمَّة إِلَّا حاجز غير حصين. وهو الواو الساكنة الزائدة الخفيَّة٣ بالإدغام. فكما قُلبت الواو ياء إذا تَطرَّفت وقبلها الضَّمَّة، وتُقلب الضَّمَّة التي قبلها كسرة، فكذلك تُقلب هنا.

وزعم الفرَّاء أنه إنَّما جاز في مَسنِيَّة ومَعدِيّ؛ لأنهما مبنيَّان على "سُنِيَ"٤ و"عُدِي"٥. فكما قُلبت الواو ياء في الفعل فكذلك فيما بُني عليه. وهذا باطل؛ لأنهم قد فعلوا ذلك في غير اسم المفعول، فقالوا: عَتا عُتِيًّا. قال الله تعالى٦: {وَقَدْ بَلَغْتُ مِنَ الْكِبَرِ عِتِيًّا} .والمصدر ليس مبنيًّا٧ على فعل المفعول. فدلَّ ذلك على أنَّ العِلَّة فيه ما ذكرنا.

إِلَّا في "فُعُول"٨ جمعًا فإنه يلزم قلب الواو الثانية ياء، ثمَّ تُقلب الواو الأولى ياء لإدغامها٩ في الياء، ثمَّ تُقلب الضَّمَّة كسرة لتصحَّ الياء، وذلك: عُصِيّ ودُلِيّ. والسبب في ذلك ثقل الجمعيَّة, مع شبهه بأجْرٍ وأَدْلٍ, كما تَقَدَّمَ.١٠ ومن العرب من يكسر حركة الفاء١١ إِتباعًا لحركة العين، فيقول: عِصِيٌّ. وضمُّها أفصح وأَكثر.

وقد شذَّ من ذلك جمعان١٢، فجاءا على الأصل. وهما نُحُوٌّ١٣ وفُتُوٌّ جمع فَتًى ونَحْوٍ. حُكي عن بعض العرب أنه قال: إِنكم لتَنظُرونَ في نُحُوٍّ كثيرةٍ. وقال الشاعر١٤:


١ م: ليكون.
٢ م: بينهما.
٣ م: الساكنة الواحدة الحقته.
٤ م: سَني.
٥ م: عَدي.
٦ الآية ٨ من سورة مريم.
٧ ف: يبنى.
٨ المنصف ٢: ١٢٤. م: فَعول.
٩ م: الواو الأولى بالإدغام.
١٠ في الورقة ٤٧.
١١ م: حركته.
١٢ في شرح الشافية ٣: ١٧١ شواذ أخر. وفي م والمبدع وحاشية ف عن نسخة أخرى: "حرفان". وفي حاشية ف بخط أبي حيان أنهم جمعوا البهو والأب والأخ والابن على: بُهُوّ وبُهِيّ وأُبُوّ وأُخُوّ وبُنُوّ، مع شاهد شعري على الأبوّ للقناني. انظر شرح المفصل ٥: ٣٦.
١٣ في حاشية ف بخط أبي حيان أيضًا: جمع نَجْو -وهو السحاب- على نُجُوّ. مع شاهد من شعر جميل بثينة. ديوانه ص٢١٧.
١٤ من أبيات لجذيمة الأبرش. شرح شواهد المغني ص١٣٥ وشرح أبياته ٣: ١٦٣ وتاريخ الطبري ٢: ٢٩ والخزانة ٤: ٥٦٧ وكتاب الاختيارين ص٧١٨. والرابئ: الذي يرقب الأعداء لجماعته.

<<  <   >  >>