للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فإن قيل: وقد١ يجيء "الفِيعال"٢ مصدرًا لـ"فاعَلَ"، قالوا: "قاتَله قِيتالًا". فالجواب أنَّ ذلك قليل، فلا ينبغي أن يحمل عليه الحِيحاء والعِيعاء.

والذي يدلُّ٣ أيضًا على أنَّ حاحَيتُ وعاعَيتْ: "فَعلَلتُ" قولُهم: الحاحاةُ والعاعاةُ، بمنزلة الدَّحرَجة والقَلقَلة والزَّلزَلة. ولو كانتا "فاعَلتُ" لما جاز ذلك؛ ألا ترى أنَّه لا يقال: قاتَلَ قاتَلةً، ولا ضارَبَ ضارَبةً؟

وأيضًا فإنَّ جعل الألف زائدة يؤدِّي إلى دخولهما في الباب القليل -أعني باب: دَدَن- وهو كون الفاء والعين٤ من جنس واحد.

فإن قيل: وما الذي يدلُّ على أنَّ الألف منقلبة عن٥ الياء فيهما؟ فالجواب٦ أنَّ الذي يدلُّ على ذلك أنه لم يجئ قطُّ على أصله. فلو كان من ذوات الواو لجاء على أصله، كـ"قَوقَيتُ".

فإن قيل: ولأيِّ شيء لم تُبدَل من الواو ألف، في مثل قَوقَيتُ؟ فالجواب أنهم فرَّقوا بذلك بين ذوات الياء وذوات الواو، وكان إبدال الألف من الياء أَوْلى، لقرب الألف من الياء، ولما في إظهار الياء٧ من اجتماع الأمثال. وممّا يدلُّ على أنهم يُبدلون كراهية اجتماع الأمثال: دَهدَيتُ٨، وأصله٩ "دَهْدَهتُ"، فأُبدِلَتِ الهاء ياء.

وزعم المازنِيُّ١٠ أنَّ الألف منقلبة عن واو. وحجَّتُه أنَّ الألف لَمَّا لم يُنطق لها بأصل، لا من ياء ولا من واو، حَمَلَها على ما نُطق له بأصل. وهو: قَوقَيتُ. والأو َّل أَقيس وأحسن؛ لأنَّ فيه مُحسِّنًا لقلب الياء ألفًا. وليس في مذهب المازنِيِّ ما يُحسِّن القلب.

وجاء من ذلك في الأسماء ١١: غَوغاء، فيمن صرف فقال: غَوغاءٌ أو مَن ألحق التاء فقال: غَوغاءةٌ. والأصل "غَوغاوٌ" و"غَوغاوةٌ". فقُلبت الواو همزة ١٢ لتطرُّفها بعد ألف زائدة.


١ م: فقد.
٢ م: القيقال.
٣ المنصف ٢: ١٧٢-١٧٤.
٤ م: العين والفاء.
٥ م: من.
٦ المنصف ٢: ١٦٩-١٧١.
٧ ف: ولما في ذلك.
٨ دهديت: دحرجت.
٩ ف: والأصل.
١٠ المنصف ٢: ١٦٩-١٧١.
١١ المنصف ٢: ١٧٦-١٧٧.
١٢ بل الواو تقلب ألفًا، والألف تبدل همزة.

<<  <   >  >>