للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والبيانُ في جميع ذلك أحسن للبعد الذي بينها١ [وبينهنّ] . وإذا أدغمتَ الطاء والظاء في الجيم فالأحسن أن تُبقي الإطباق الذي فيهما، لئلَّا تُخِلَّ٢ بهما وتُضعِفَهما، بزوال الإطباق منهما. وقد يجوز أن تُذهب الإطباق جملةً.

وأمَّا الشين فإنها لا تُدغَم في شيء٣. وسبب ذلك أنها متفشِّية، كما تقَدَّم. والإدغام في مقاربها يُذهبه، فيكون ذلك إخلالًَا بها.

وتُدغَم٤ فيها الجيمُ -وقد تقَدَّم ذكر ذلك- والطاءُ والدال والتاء والظاء والذال والثاء واللام. أمَّا إدغام الجيم فيها فلكونهما من مخرج واحد. وأمَّا إدغام سائر الحروف فيها؛ فلأنها استطالت بالتفشِّي الذي٥ فيها، حتَّى اتَّصلت بمخرجها، فجرت لذلك مجرى ما هو من مخرج واحد. والبيان عربيُّ جيِّد، لِبُعد ما بينه وبينهنّ.

وأمَّا الياء فلا تُدغَم في حرف صحيح [أصلًَا] ٦. وقد تقَدَّم سبب ذلك, وتُدغَم في الواو؛ لأنها شابهتها في اللِّين والاعتلال. إِلَّا أنَّ الواو هي التي تُقلب لجنس الياء، تقدَّمت أو تأخَّرت؛ لأنَّ القصد بالإدغام التخفيف، والياء أخفُّ من الواو، فقلبوا الواو ياء على كلِّ حال -وأيضًا فإنَّ الواو من الشِّفة، والياء من حروف الفم، وأصل الإدغام أن يكون في حروف الفم٧- نحو: سَيِّد ومَيِّت -الأصل فيهما "سَيْوِدٌ" و"مَيْوِتٌ"٨- وطَيّ ولَيّ. الأصل فيهما "طَوْيٌ" و"لَوْيٌ".

ولا يُدغَم فيها حرف صحيح أصلًا، إِلَّا النون نحو: مَن يُّوقِنُ -والسبب في أن أُدغمت٩ النون وحدها, من بين سائر الحروف الصحاح، في الياء أنَّ النون غَنَّاءُ فأشبهت بالغُنَّة التي فيها الياءَ١٠؛ لأنَّ الغُنَّة فَضْلُ صوتٍ في الحرف، كما أنَّ اللِّين فضل صوت في حروف١١ العِلَّة. وأيضًا فإنَّ النون قريبة في المخرج من الواو التي هي أخت الياء- ويُدغَم فيها الواو لتشاركهما في الاعتلال واللِّين، كما تقَدَّم. وذلك نحو: طَوَيتُ طَيًّا ولَوَيتُ لَيًّا.


١ م: بينهما.
٢ م: يخل.
٣ علق عليه أبو حيان في حاشية ف بما يلي: تدغم في الجيم نحو أعطِش جَّحدرًا.
٤ م: ويدغم.
٥ م: التي.
٦ من م.
٧ سقط ما بين معترضين من النسختين، وألحقه أبو حيان بحاشية ف نقلًا عن خط المصنف.
٨ سقط بقية الفقرة من النسختين، وألحقت بحاشية ف. وسيرد بعدُ ما هو تكرار لها تقريبًا.
٩ م: أن أدغمت إلى.
١٠ م: للياء.
١١ م: حرف.

<<  <   >  >>