للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ثمَّ١ الضاد، ولا تُدغَم في شيء من مقارباتها٢. وسبب ذلك أنَّ فيها استطالة وإطباقًا واستعلاء، وليس في مقارباتها ما يَشركها في ذلك كُلِّه. فلو أُدغمت لأدَّى ذلك إلى الإخلال بها، لذهاب هذا الفضل الذي فيها.

فأمَّا إدغام بعضهم لها في الطاء بقوله: مُطَّجِع، يريد: مُضطجِعًا٣، فقليل جِدًّا ولا ينبغي أن يقاس. والذي شجَّعه على ذلك أشياء، منها: موافقةُ الضاد للطاء في الإطباق الذي فيها٤ والاستعلاءِ، وقربُها٥ منها في المخرج، ووقوعُها معها في الكلمة الواحدة أكثر من وقوعها في الانفصال؛ لأنَّ الضاد التي تكون آخر كلمة٦ لا يلزمها أن يكون أوَّل الكلمة التي تليها طاء، ولا يكثر ذلك فيها بخلاف مضطجع. فلمَّا اجتمعت هذه الأسباب أدغموا، واغتفروا لها ذهاب الاستطالة التي في الضاد.

وتُدغَم فيها الطاء والدال والتاء والظاء٧ والذال والثاء واللام. وذلك نحو: هل ضَّلَّ زيدٌ؟ وابَعث ضَّرمَةَ -قال سيبويه٨: "وسَمِعنا من يُوثَق بعربيَّته قال٩:

ثارَ, فضَجَّت ضَّجَّةً رَكائبُهْ

فأدغم التاء في الضاد" -واضبِط ضَّرَمةَ واحفَظ ضَّرمَةَ١٠ وخُذ ضَّرمَةَ وقَد ضَّعُفَ١١.

أمَّا اللام فأدغمت فيها، لقربها منها في المخرج. وأمَّا سائر الحروف فإنَّ الضاد، بالاستطالة التي فيها، لحقت مخرج الطاء والدال والتاء؛ لأنها اتَّصلت بمخرج اللام، وتطأطأت عن اللام حتى خالطت أصولَ ما اللامُ فوقه، إِلَّا أنها لم تقع من الثنيَّة موقع١٢ الطاء١٣ لانحرافها؛ لأنك


١ م: وثم.
٢ في النسختين: متقارباتها.
٣ انظر الكتاب ٢: ٤٢٢. م: مضطجعها.
٤ سقط "الذي فيها" من م.
٥ في النسختين: وقريبة.
٦ سقط "التي تكون آخر كلمة" من م.
٧ م: والضاد.
٨ الكتاب ٢: ٤٢٠ م: قال س.
٩ أبو خالد القناني. وسيرد الشاهد بعد. انظر ص٤٤٦ والكتاب ٢: ٤٢٠ وشرح أبياته ٢: ٤١٦ وأسرار العربية ص٩٩-١٠٠ والإنصاف ص٦٨ والمقرب ٢: ١٢ والخزانة ٤: ١٠٦. وصف رجلًا ثار ليرحل إبله فجعلت تضجّ.
١٠ زاد في م: وابعث ضرمة.
١١ سقط المثال من النسختين، وألحقه أبو حيان بحاشية ف. فكأن ابن عصفور أغفل التمثيل لإدغام الدال في الضاد، تبعًا لسيبويه في الكتاب ٢: ٤٢٠، ثمَّ استدرك فألحقه فيما بعد.
١٢ م: موضع.
١٣ م: الظاء.

<<  <   >  >>