للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والواو كما أُدغمت في الميم والراء. فلمَّا قاربتِ النونُ هذه الحروف الخمسة أُدغمت فيها [٦٥ب] .

ولا يجوز البيان١ إن كانت النون ساكنة. فإن كانت مُتحرِّكة جاز، لفصل الحركة بين المتقاربين؛ لأنَّ النيَّة بالحركة أن تكون بعد الحرف. وذلك نحو: خَتَنُ مُّوسَى.

وإذا أُدغمت٢ في الراء واللام والواو والياء كان إدغامها بغُنَّة، وبغير غُنَّة. أمَّا إدغامها بغير غُنَّة فعلى أصل الإدغام؛ لأنك إذا أدغمتها صار اللفظ بها من جنس ما تُدغَم فيه. فإذا كان ما بعدها غيرَ٣ أغنّ ذهبت الغُنَّة، لكونها تصير مثله. ومن أَبقى الغُنَّة؛ فلأنها فصلُ صوتٍ فكرهَ إبطالها، فحافظَ عليها بأن أدغم، وأبقى بعضًا من النون وهو الغُنَّة، وإبقاؤها عندي أجود، لما في ذلك من البيان للأصل والمحافظة على الغُنَّة.

وإذا أُدغمت في الميم قُلبت إلى جنسه، ولم يبق لها أثر، ولستَ بمحتاج٤ إلى غُنَّة النون؛ لأنَّ الميم فيها غُنَّة. فإذا قلبتها ميمًا محضة لم تُبطِلِ الغُنَّة.

وزعم٥ سيبويه أنها مع ما تُدغَم فيه مخرجُها من الفم لا من الخياشيم؛ لأنها لو كانت تدغم في حروف الفم، وهي من الخياشيم، لتفاوتَ٦ ما بينها، ولا يُدغم الأبعد في الأبعد. ووافقه المبرّد في جميع ذلك، إِلَّا الميمَ؛ لأنها من الشفة. فلو كانت النون المدغمة فيها من الفم لبعدت من الميم. قال: ولكن مخرجها مع الميم٧ من الخياشيم؛ لأنَّ الميم تخرج٨ من الشفة، وتصير إلى الخياشيم للغُنَّة التي فيها، فأُدغمت فيها النون لتلك المجاورة.

ومذهب سيبويه عندي أَوْلى؛ لأنَّ النون التي في الفم تصير أيضًا إلى الخياشيم، للغُنَّة التي فيها، كما كان ذلك في الميم٩ ... وما أخلَّت به.

وقُلِبت مع الباء ميمًا ولم تدغم فيها؛ لأنَّ الباء لا تقارب النون في المخرج كما قاربتها الراء


١ أي: إذا كان الإدغام من الإدغام في الكلمتين.
٢ م: وأدغمت.
٣ م: عين.
٤ ف: محتاجًا.
٥ سقط من النسختين حتى قوله: "كما كان ذلك في الميم"، وألحقه أبو حيان بحاشية ف نقلًا عن خط المصنف. وانظر الكتاب ٢: ٤١٥.
٦ ف: "لتفاوته". وانظر المقتضب ١: ٢٢١.
٧ ف: اللام.
٨ ف: يخرج.
٩ بضع كلمات مخرومة.

<<  <   >  >>