للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

خِزْي يَّومَئذٍ"١ و"فهْي يَّومَئذٍ"٢ بإدغام الياء في الياء. جميع ذلك ينبغي أن يحمل على الإخفاء، لِما في الإدغام من الجمع بين ساكنين، وليس الأوَّل٣ حرف مدٍّ ولِين. وأيضًا فإنَّ الضاد لا تُدغَم في الشين.

وأمَّا "واشتَعَلَ الرَّأْس شَّيبًا"٤، بإدغام السين في الشين٥، فإنَّ الرواية عن أبي عمرو اختلفت في ذلك: فمنهم من روى أنه أَدغم، ومنهم من روى أنه منع. والذي عليه البصريُّون أنَّ إدغام السين في الشين لا يجوز. وأيضًا فإنَّ الإدغام يؤدِّي إلى الجمع بين ساكنين، وليس [قبل] الأوَّل حرف مدٍّ ولِينٍ.

ومن ذلك ما رُوي عنه من أنه قرأ: "إِلهَه هَّواهُ"٦ وأمثالَه بإدغام الهاء في الهاء، وبين الهاءين٧ فاصل -وهو٨ الواو التي هي صلة الضمير- فحَذفَ الصِّلَة وأَدغم. وإدغام٩ هذا مخالف للقياس؛ لأنَّ هذه الواو إنَّما تُحذف في الوقف، وأمَّا في الوصل فتثبت. وأنت١٠ إذا أَدغمتَ في حال وصل فينبغي ألَّا تَحذفها. وإذا لم تَحذفها لم يمكن الإدغام. لكن وجه ذلك أمران:

أحدهما١١: تشبيه الإدغام بالوقف، في أنَّ الإدغام يوجب التسكين للأوَّل كما أنَّ الوقف يوجب له ذلك. فحَذَف الواو١٢ في الإدغام على حدِّ حذفها في الوقف، فساغ الإدغام.

والآخر: أن يكون حذف الواو في الوصل كما حذفها [٦٨ب] الشاعر في قوله، أنشده الفرَّاء١٣:


١ الآية ٦٦ من سورة هود.
٢ الآية ١٦ من سورة الحاقة. وسقطت من م؛ لأنَّ الهاء قبل الياء لا يلزمها السكون.
٣ ف: في الأول.
٤ الآية ٤ من سورة مريم.
٥ م: في السين.
٦ الآية ٤٣ من سورة الفرقان والآية ٢٣ من سورة الجاثية.
٧ ف: بين الهاء والهاء.
٨ م: وهي.
٩ سقط "وإدغام" من م.
١٠ ف: وأما.
١١ سقط "أمران أحدهما" من النسختين، وألحقه أبو حيان بحاشية ف.
١٢ في حاشية ف بخط أبي حيان أنَّ ابن مالك علق عليه بما يلي: "هذا خطأ بيِّنٌ؛ لأنَّ الإدغام كيف يسبب الحذف، وهو لا يكون إِلَّا بعد الحذف؟ "
١٣ الصحاح واللسان والتاج "غطي" والإنصاف ص٥١٨. والمغطي: المستور لذلته. والمجتلي، النابه الذكر المحمود الأثر.

<<  <   >  >>