للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

رَفعتْه، بل لم نسمع١ العرب تكلَّمت به أصلًا. لكن لَمَّا رفعَتْ نظائره من الفاعلينَ قستَه عليها فرفعتَه؟ فكما لا شكَّ في جواز ذلك، فكذلك لا ينبغي أن يُشكَّ في بناء مثل "جَعْفَر" من "الضَّرب" أو غيره، ممّا له في كلامهم نظير باطِّراد.

وينبغي أن تعلم أنه لا يجوز إِلَّا أن تكون الأُصول من حروف الكلمة، التي يُبنى منها مثلُ غيرها، مساويةً لأُصول٢ المبنيِّ مثلُه أو أقلَّ. وأمَّا أن تكون أكثر فلا. فيجوز٣ أن تبني من سَفَرجَل مثل: عَضْرَفُوط٤، فتقول٥: "سَفْرَجُولٌ"؛ لأنَّ الأُصول منهما متَّفقة؛ ألا ترى أنَّ كلَّ واحدٍ منهما أُصوله٦ خمسة؟ وتقول في مثل جَعْفَر من الضَّرْب: "ضَرْبَبٌ"؛ لأنَّ أُصول الضرب أقلُّ من أُصول "جَعفر".

ولا يجوز أن تَبني من سَفَرْجَل مثل عَنكبوت؛ لأنَّ الأُصول من عنكبوت أربعة ومن سفرجل خمسة، فأنت إذا بنيتَ منه مثل عنكبوت احتجتَ إلى٧ حذفِ حرف من الأصل، فلا يصل٨ إلى أن يكون مثله إِلَّا بحذف حرف، وحذفُ حرف من الأصل لا يجوز بقياس. وأيضًا فإنه، وإن كان محذوفًا، منويّ٩ مراد. وإذا كان كذلك كان بالضرورة أكثر أُصولًا من الذي يُبنى عليه، فلا يحصل التوافق.

وينبغي أن تعلم١٠ أنه لا يجوز أن يدخل البناء إِلَّا فيما يدخله الاشتقاق والتصريف. فإن بنيتَ مِمَّا لا يدخله اشتقاق ولا تصريف، مثلَ أن تبني من الهمزة مثلًَا مثل: سَفرجل أو غير ذلك، فإنَّما ذلك على طريق أنْ، لو جاء، كيف١١ يكون حكمه، لا لأنَّ [٦٩أ] تُلحقه بكلام العرب؛ لأنَّ العرب لا تتصرَّف في مثل الهمزة.

فينبغي أن تُجعل مسائل هذا الباب على قسمين:

قسم يُبنى مِمَّا يجوز التصرُّف فيه.


١٠ سقط "العرب رفعته بل لم نسمع" من م.
٢ م: "للأصل". ف: "للأصول". والتصويب من المبدع.
٣ م: فلا يجوز.
٤ العضرفوط: ذكر العظاء.
٥ م: فنقول.
٦ م: أصول.
٧ سقط من م.
٨ سقط حتى قوله: "حرف من الأصل" من م.
٩ م: منهن.
١٠ م: يعلم.
١١ م: أو لو جاء فكيف.

<<  <   >  >>