للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كلامهم، فإن أمكن صرفه إلى ما وُجد من ١ كلامهم كان أولى، فأمَّا أبو الفتح فزعم أنه "فُعْلِيٌّ"٢ في الأصل، ثم خُفِّف، كما قالوا: "تَسمعُ بالمُعيدِي خيرٌ مِن أن تَراه"٣ فخفَّفوا، والأصل "المُعَيدِيّ". وتكون الياءان للنسب على حدّهما في "كُرسيّ". ويكون هذا ممّا رُفِضَ أصله؛ لأنه لم يُسمع مُثقَّلًا قطّ.

وهذا الذي ذهب إليه أبو الفتح ضعيفٌ عندي؛ لأنَّ كُرسيًّا وبُختيًّا٤ بُنيا على ياءيِ النَّسَب، ولم يُستعملا دونهما. فلا يُقال: "كُرْسٍ"٥ ولا "بُخْتٍ"٦، فلذلك كُسِّرَ الاسم عليهما، فقالوا: كراسيُّ وبخاتيُّ. وأمَّا "مُؤقٍ"٧ فإنه يُستعمل دون ياء. وكلّ ما تلحقه ياءا النسب ولا تلزمانه لا يُكَسَّر عليهما؛ إِلَّا تراهما يقولون: أَحمَرِيٌّ وحُمْرٌ وفارِسيٌّ وفُرْسٌ. فلو كان "مُؤقٍ"٨ على ما زعم أبو الفتح لم يُقل في تكسيره: مآقٍ، بل "أمآقٌ"، كقُفْل وأقفال. فإذا بَطَلَ هذا فينبغي أن يكون وزنه "مُفعِلًا" فيُلحَقَ بفصل ما لحقته زيادة واحدة من أوّله من الثلاثيّ. وقد تَقَدَّم ذكره هنالك٩.

فإن قلتَ: فقد١٠ ثَبَتَتْ أصالة الميم، بدليل قولهم "مأْقٌ"١١ في معناه. فالجواب أنه يكون ممّا اتَّفق معناه وتقارب لفظه، كسَبِط وسِبَطر.

وكذلك "مأْقٍ" عند أبي الفتح هو مأقِيٌّ١٢ في الأصل، ثمّ خُفِّفَ، والياءان للنسب. وهو: عندي باطل، بدليل قولهم: مآقٍ، فكُسِّر الاسم على الياء. فالذي يجب أن يُحمل عليه عندي ما ذهب إليه الفرّاء من أنه "مَفعِل" ممّا لامه ياء، وشذُّوا فيه؛ لأنَّ "المَعفل" من المعتلّ اللام مفتوح العين. ونظيره في الشذوذ "مأوِي الإِبل" والفصيح "مأوَى". قال [الله] ١٣ تعالى١٤: {فَإِنَّ الْجَنَّة هِيَ الْمَأْوَى} . وتكون الميم زائدة كما تكون في " مُؤق ". ويكون مأقٌ ومأقٍ من باب سَبِط وسِبَطر، كما قدَّمنا.


١ م: في.
٢ م: "فعليٌ". وانظر الخصائص ٣: ٢٠٥.
٣ من أمثال العرب.
٤ البختي: واحد البخاتي. وهي الإبل الخراسانية.
٥ م: كرسٌ.
٦ م: بختٌ.
٧ م: موق.
٨ م: موق.
٩ في الورقة ٨.
١٠ م: قد.
١١ ضبط آخره بالضم والكسر في ف.
١٢ أغفل تشديد آخره في النسختين. وانظر الخصائص ٣: ٢٠٥.
١٣ من م.
١٤ الآية ٤١ من سورة النازعات.

<<  <   >  >>