سنتين وكان متشرعا في ملبسه ومأكله ومشربه ومركبه فلا يلبس إلا الكتان والقطن والصوف ولا يعرف أنه تخطى مكروها بعد أن انعم الله تعالى عليه بالملك وكان همه الأكبر نصر الإسلام وكان عنده فضيلة تامة في اللغة والأدب وأيام الناس قي لأنه كان يحفظ الحماسة بكاملها وكان يفهم ما يقال بين يديه من البحث والمناظرة ويشارك في ذلك مشاركة قريبة حسنة وان لم يكن بالعادة المصطلح عليها وكان قد جمع له القطب أبو المعالي مسعود النيسابوري نزيل دمشق عقيدة فكان يحفظهما ويحفظها من عقل من أولاده وكان يحب سماع القرآن العظيم ويواظب على سماعه وسماع الحديث الشريف وكان رقيق القلب سريع الدمعة عند سماعه كثير التعظيم لشعائر الدين وكان قد لجأ إلى ولده الظاهر غازي وهو بحلب شاب يقال له الشهاب السهروردي١ وكان يعرف الكيمياء وشيئا من الشعوذة والأبواب النارنجيات فافتتن به ولده وقربه واحبه وخالف فيه حملة الشرع فكتب إليه أن يقتله لا محالة فصلبه ولده عن أمر والده وشهره ويقا لأنه حبسه بين حائطين حتى مات كمدا وذلك في سنة ست وثمانين وكان صلاح الدين رحمه الله تعالى مواظبا على الصلوات في اوقاتها في جماعة يقا لأنه لم تفنه الجماعة في صلاة قبل وفاته بدهر طويل حتى في مرض موته وكان يدخل الإمام فيصل به ويتجشم القيام مع ضعفه واستهلت سنة تسع وثمانين وخمسمائة وهو في غاية الصحة والسلامه وخرج هو وأخوه أبو بكر العادل معه إلى الصيد شرقي دمشق وقد اتفق الحال بينه وبين أخيه العاد لأنه بعدما قد يفرغ من أمر الفرنج هذه المدة يسير هو إلى بلاد الروم ويبعث أخاه إلى بغداد وكان همه الأكبر ومقصوده الاعظم نصر الإسلام وكسر الاعداء اللئام ويعمل فكره في ذلك ورايه وحده ومع من يثق به وبرأيه ليلا ونهارا سرا وجهرا فإذا فرغا من شأنه ما سارا جميعا إلى بلاد أذربيجان وبلاد العجم فإنه ليس دونهما أحد يمانع عنها ولا يصدهم ولما قدم الحجيج من الحجاز الشريف في يوم الاثنين حادي عشر صفر منها خرج لتلقيهم وكان معه ولد