ونقلت عياله تحت الحوطة إلى الديار المصرية وسار هو فاستجار بالملك الناصر ابن العزيز ابن الظاهر غازي صاحب حلب المحروسة فأواه وأكرمه واحترمه وأما الخوارزمية فساروا إلى ناحية الكرك فأكرمهم الناصر داود صاحبها وصاهرهم وأنزلهم بالصلت فأخذوا معها نابلس فأرس الملك الصالح جيشا مع فخر الدين ابن الشيخ فكسرهم على الصلت وأجلاهم عن تلك البلاد وحاصر الناصر بالكرك وأهانه غاية الإهانة وقدم الملك الصالح نجم الدين أيوب من الديار المصرية فدخل دمشق في أبهة عظيمة وأحسن إلى أهلها وتصدق وسار إلى بعلبك وإلى بصرى وصرخد فتسلمها من صاحبها عز الدين أيبك وعوضه عنها ثم عاد إلى مصر في سنة أربع وأربعين مؤيدا منصورا مسرورا ولله الحمد وجميع هذه الفتن نشأت عن رأي الوزير السامري الذي أسلم في الظاهر وهو واقف الأمينية التي ببعلبك أمين الدوله أبو الحسن غزال وزير الصالح إسماعيل أبي الجيش الذي كان مشؤوما على نفسه وعلى سلط أنه وسبب زوال النعمة عنه وعن مخدومه وهذا هو وزير السوء وقد اتهمه السبط بأنه كان مستترا بالدين وأنه لم يكن في الحقيقة دين فأراح الله تعالى منه عامة المسلمين وكان قتله في سنة ثمان وأربعين لما عدم الصالح إسماعيل بديار مصر عمد من الأمراء إليه والى ناصر الدين بن يغمور فشنقوهما وصلبوهما على القلعة بمصر وقد وجد لأمين الدوله هذا من الأموال والتحف والجواهر والأثاث ما يساوي ثلاثة الآف ألف دينار وعشرة الآف بخط منسوب وغير ذلك من الخطوط النفيسه الفائقة وهو الذي أهلك قاضي القضاة رفيع الدين الجيلي في الدنيا والآخرة انتهى.
وقال الصفدي في المحمدين من تاريخه: محمد بن عبد الملك بن إسماعيل الملك الكامل ناصر الدين ابن الملك السعيد ابن السلطان الملك الصالح ابن العادل الأيوبي سبط السلطان الملك الكامل وابن خاله صاحب الشام الناصر سيف وابن خاله صاحب حماه ولد سنة ثلاث وخمسين وحدث عن ابن عبد الدائم وكان دينا خيرا خبيرا بالأمور وفيه انبساط كثير ولطف وافر وله النوادر في التعذيب الحلو الداخل وهي مشهورة بين أهل دمشق وبسط