للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهم معا في مصلاهم وأوجههم ... شتى إذا سجدوا لله والصنم

وكيف يجتمع الناقوس يضر به ... أهل الصليب مع القراء لم تنم

فهمك الله تحويلا لبيعتهم ... عن مسجد فيه يتلى طيب الكلم

فهمت تحويلها عنهم كما فهما ... إذ يحكمان لهم في الحرث والغنم

داود والملك المهدي إذ حكما ... أولادها واجتزاز الصوف بالجلم

ما من أب حملته الأرض نعلمه ... خير بنين ولا خير من الحكم

وقيل لما أراد الوليد بناء مسجد دمشق احتاج إلى صناع كثيرة فكتب إلى الطاغيه أن وجه إلي بمائتي صانع من صناع الروم فإني أريد أن أبني مسجدا لم يبن من مضى قبلي ولم يبن من بعدي مثله فإن أنت لم تفعل غزوتك بالجيوش وأخرجت الكنائس في بلدي وكنيسة بيت المقدس وكنيسة الرها وسائر آثار الروم في بلدي فأراد الطاغية أن يغضه عن بنائه وأن يضعف عزمه فكتب إليه والله لئن كان أبوك فهمها وأغفلت عنها إنها لوصمة عليك وإن فهمتها وغيبت عن أبيك إنها لوصمة عليه وأنا موجه لك ما سألت فأراد أن يجعل له جوابا فجلس له عقلاء الرجال في حظيرة المسجد يفكرون في ذلك فدخل عليهم الفرزدق فقال: ما بال الناس أراهم مجتمعين حلقا فقيل له السبب كيت وكيت فقال: أنا أجيبه من كتاب الله تعالى: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلّاً آتَيْنَا حُكْماً وَعِلْماً} الآية. وقال: قرأت في الكتاب الذي فيه أخبار الأوائل أن هذه الدار المعروفة بالخضراء مع الدار المعروفة بالمطبق مع دار المعروفة بدار الخيل مع المسجد الجامع أقاموا وقت بنائها يأخذون لها الطالع ثماني عشرة سنة وقد اجتهدوا في ذلك وما حفروا أساس الحيطان حتى وافاهم الوقت الذي طلع فيه الكوكبان اللذان أرادوا بطلوعهما أن المسجد لا يخرب أبدا ولا يخلو من العبادة وأن هذه الدار إذا بنت لا تخلو أن تكون دار الملك والسلطنة والضرب والحبس وعذاب الناس والقتل ومأوى الجند والعساكر والبلاء والفتنة فبنى عليه هذا وكانت في ذلك الزمان كلها دارا واحدة.

وقد بنى الوليد بن عبد الملك بن مروان كل ما كان داخل حيطان المسجد

<<  <  ج: ص:  >  >>