ما قيل هذا الجامع ما روي عن القاسم قال: أوحى الله إلى جبل قاسيون أن هب ظلك وبركتك لجبل بيت المقدس قال: ففعل فأوحى الله تعالى إليه أما إذ فعلت فسأبني لك في حضنك بيتا أي في وسطك أعبد فيه بعد خراب الأرض أربعين عاما ولا تذهب الأيام والليالي حتى أرد ظلك عليك وبركتك فهو عند الله تعالى بمنزلة المؤمن الضعيف المتضرع وقد رأيت في بعض التواريخ أن هذا الجامع لم يزل معبدا لسائر الملل منذ خلقت الدنيا إلى أن كانت ملة الإسلام فاتخذ جامعا. وقال الحسن بن يحيى الحسيني: أن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ليلة أسري به صلى بالمسجد الجامع بدمشق.
وما قيل في وصفه نثرا. قال الصاحب صفي الدين من رسالة وصف بها دمشق وهو: مضيت إلى مسجدها الجامع وشنفت بإدراك البصر منه إدراك المسامع فلما وصلت إليه وحللت لديه رأيت من أوصافه ما أصغر الرواية وحصل من الحسن على النهاية ونوره يجلو الابصار وجمعا على الجموع الامصار وعبادة موصولة على الاستمرار وقرآنا يتلى آناء الليل وأطراف النهار ومنقطعين إليه قد اتفقوا في الاعتكاف نفائس الأعمار والبركات تحف بجوانية والعلوم تنشر في زواياه ومحارية والأحاديث عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تسند وتروى والمصاحف بين أيدي التالين تنشر فلا تطوى وأعلام البر فيه ظاهرة فلا تخفى ولا تزوى والخلق منقسمون فيه إلى حلق قد نبذ أهلها القلق والإسلام فيها فاش والجهل بلا متلاش وهو مما بناه الأولون لعبادتهم وجعلوه ذخرا لآخرتهم وما برح معبدا لكل ملة اتخذه المجوس والنصارى واليهود قبل الإسلام هيكلا وقبلة وهو بيت المتقين وسوق المتصدقين ليلة للمتهجدين ونهاره للعلماء المجتهدين.
وذكر إبراهيم بن الليث الكاتب في رسالة: وقد أفضيت إلى جامعها فشاهدت ما ليس في استطاعة الواصف أن يصفه ولا الرائي أن يعرفه وجملة ذلك أنه بكر