حيث ملأه بكرامات وبشطحات أولئك المشائخ بما لا يجرؤ أي مسلم يخاف الله أن يتطاول على الله وعلى رسله ولو بأقل من تلك الشطحات الخرقاء من دعوى علم الغيب بكل شيء في هذا الكون مهما كان حقيراً في ليل أو نهار، ومن دعوى الاتحاد بالله ومجالسته، ومن دعوى مصاحبة النبي محمد صلى الله عليه وسلم في كل وقت، ومن دعوى مشاهدة الجنة دائماً، وأشياء أخرى حين يقرأها المسلم يقول: ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا.
ومثل ما خاض فيه السكندري خاض فيه أيضاً الشعراني، ولا أرى أن المقام يسمح بذكر نماذج من تلك الكرامات الخيالية التي زعمها الشعراني لأقطاب التصوف الذين ترجم لكل واحد منهم وجاء في تراجمهم بما لا يقوله إنسان سليم الفترة سليم العقل عنده أدنى معرفة بالدين الإسلامي.
إنها جرائم حشدها الشعراني في طبقاته على أنها كرامات لأولئك الذين زعم كذباً أنهم أولياء أقل ما فيها الاستهانة بجرائم اللواط والزنا والشذوذ الجنسي _ كما يسمى في عصرنا _ ومن غريب أمره أنه يذكر الشخص منهم ثم يأتي في ترجمته وكراماته بما ينكس الرأس حياء ثم يختمها بقوله عنه _ رضي الله عنه _.
ولو أن هؤلاء الصوفية من أمثال ابن عربي والمنوفي والسهروردي والشعراني والسكندري وعلي حرازم والفوتي ذكروا كرامات قليلة وفيها نوع من التعقل لكنت نقلتها هنا ولكن لا حيلة في ذلك وكتبهم كلها مملوءة بكرامات كل واحدة تعلن أختها (١) ، ومن هنا أعرضت عن ذكر ذلك وكنت
(١) انظر: الفتوحات المكية أربع أجزاء، جمهرة الأولياء جزئين، عوارف المعارف مجلد، طبقات الشعراني جزئين، لطائف المنن مجلد، جواهر المعاني جزئين، رماح حزب الرحيم جزئين، هامش جواهر المعاني، وغيرها من كتب الصوفية الذين غلوا في دينهم.