أ- أشرنا فيما مضى إلى أن الخوارج قد كونوا لهم دولة وصار لهم نفوذ، وإذا تتبعنا حركاتهم الثورية فإننا نجدها متصلة عنيفة، ابتداءً من خروج المحكِّمة على الإمام عليّ ومن خرج بعدهم على الإمام عليّ في شكل جماعات حربية تثور هنا وهناك عليه وعلى الحكام الأمويين من بعده حرب عصابات، إلى أن جاء نافع بن الأزرق سنة ٦٤هـ، وبدأ الخوارج يظهرون كفرق كبيرة امتدت إلى عصر الدولة العباسية، لا يقر للخوارج قرار أو يستكينون إلا ريثما يتم عددهم وعدتهم يمثلون المعارضة بالتعبير الحديث، وتلك الحركات مدونة في كتب التاريخ والفرق مما لا نرى التطويل بذكره؛ لأنها أحداث تاريخية.
ب- فرق الخوارج
أما فرقهم فإن من رحمة الله بالناس أن الخوارج تفرقوا فيما بينهم، ولو اتحدوا لكانوا كارثة على المسلمين المخالفين لهم، ويذكر العلماء أن الخوارج كانوا يختلفون ويتفرقون لأتفه الأسباب، وحينما جاء نافع بن الأزرق ببعض التفاصيل في المذهب كحكم التقية والقعدة (١) وأطفال المخالفين لهم فزاد
(١) أي هل يحل لهم المقام بين المخالفين أم لا يحل ويكون المقيم بينهم كافر حلال الدم والمال كما يرى نافع ذلك حتى وإن كان منهم - وحينما وصل نافع إلى أحداث تلك الأمور بينهم انفصلت عنه النجدات بقيادة نجدة بن عامر قائلين لنافع: أحدثت ما لم يكن عمله السلف من أهل النهروان وأهل القبلة، فأجابهم: بأن هذه حجة عرفها وقامت عليه وينبغي الأخذ بهذا ففار قوه.