واصل سيره إلى أهل الكوفة الذين عاهدوه على نصرته ثم نكسوا على أعقابهم حين تراءى الجمعان، جيش الخلافة وهؤلاء، وفي هذا الموقف الحرج قام هؤلاء وسألوه- ليأخذوا حجة في الهرب ولرداءة معتقدهم- قالوا له: إنا لننصرك على أعدائك بعد أن تخبرنا برأيك في أبي بكر وعمر اللذين ظلما جدك علي بن أبي طالب.
فقال زيد - دون نفاق -: إني لا أقول فيهما إلا خيراً، وما سمعت أبي يقول فيهما إلا خيراً، وقد كانا وزيري جدي، وإنما خرجت على بني أمية الذي قتلوا جدي الحسين، وأغاروا على المدينة يوم الحرة، ثم رموا بيت الله بالمنجنيق والنار.
فلما سمعوا هذا الجواب تفرقوا عنه ورفضوه. فقال لهم: رفضتموني؟
فسموا رافضة-، وبقي في شرذمة قليلة سرعان ما قضى عليهم يوسف ابن عمر، وقد قتل زيد ودفن في ساقية فاستخرجه يوسف وكتب إلى الخليفة، فأمره هشام أن يصلبه مدة وأن يحرقه، وتم ذلك فيما ذكره علماء الفرق والمؤرخين (١) .
[آراء زيد والزيدية]
للشيعة عموماً آراء متضاربة متناقضة وأفكار تأثرت بجهات شتى من وثنية ومجوسية ويهودية ونصرانية إلا القليل منهم.
وأما بالنسبة لزيد فإن آراءه كما ذكر علماء الفرق والمؤرخين نوجزها فيما يلي:
(١) انظر الكامل لابن الأثير ج ٥ ص ٢٢٩ - ص ٢٣٥، ومن ٢٤٢ - ص ٢٤٧. وانظر مروج الذهب ج ٣ ص ٢١٧- ٢٢٠. وانظر البداية والنهاية ج ٩ ص ٣٢٩- ٣٣٠. وانظر مقاتل الطالبين ص ٨٦ - ١٠٢. ويجب أن تدرك المبالغات التي ذكرها المسعودي والأصفهاني صاحب مروج الذهب بناء على تشيعها.