قال: ذلك التقصير ليس مني فإنك ما أبقيتني على الطاعة، فقال الجبائي: يقول البارئ جل وعلا: كنت أعلم لو بقيت لعصيت وصرت مستحقا للعذاب الأليم، فراعيت مصلحتك، فقال الأشعري: فلو قال الأخ الأكبر يا إله العالمين كما علمت حاله فقد علمت حالي فلم راعيت مصلحته دوني؟ فانقطع الجبائي.
لقد كان الأشعري إماما فذا كثير التأليف واسع الإطلاع محببا إلى الناس، ولهذا تجد أن كل طائفة تدعي نسبته إليها " فالمالكي يدعي أنه مالكي، والشافعي يزعم أنه شافعي، والحنفي كذلك "(١) .
[٣ - عقيدة الأشعري]
علمنا فيما مضى أن الأشعري كان على مذهب المعتزلة ومن العارفين به، وأنه أقام عليه مدة أربعين سنة ومما يذكره العلماء عن سيرته ورجوعه عن الاعتزال ومذهب ابن كلاب إلى المذهب الحق، أنه مكث في بيته خمسة عشر يوما لا يخرج إلى الناس وفى نهايتها خرج في يوم جمعة، وبعد أن انتهى من الصلاة صعد المنبر وقال مخاطبا من أمامه من جموع الناس:
" أيها الناس، من عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني فأنا أعرفه بنفسي أنا فلان بن فلان، كنت أقول بخلق القرآن وأن الله تعالى لا يرى بالأبصار، وأن أفعال الشر أنا أفعلها، وأنا تائب مقلع متصد للرد على المعتزلة مخرج لفضائحهم.
معاشر الناس إنما تغيبت عنكم هذه المدة، لأني نظرت فتكافأت عندي