لقد جرَّت بريطانيا على المسلمين مصائب وفتناً عظيمة، لا يزال المسلمون يجترون آثارها إلى اليوم في الهند وفي بلاد العرب، وكثير من بلدان المسلمين؛ حيث فرقت كلمتهم وأوهنت قواهم وأوجدت عملاء لها في كل بلد إسلامي من أبناء ذلك البلد ومن جلدتهم، ويتكلمون بألسنتهم، ولكنهم أصبحوا بعد ذلك أشد عليهم من الأعداء الظاهرين، ونشرت الفساد والخلاعة، إلى جانب نشر النصرانية بين المسلمين، وقتلت في سبيل ذلك الأبرياء والصفوة الممتازة من العلماء ليفسحوا المجال للمبشرين، وليثبتوا كذلك استعمارهم إلى الأبد.
ومع كل هذا وغيره نرى الإنجليز وهم مسيطرون على الهند يبحثون فيها عن عميل لهم، فكان المطلوب، ووجدوا القادياني خير من يمتثل لتحقيق مآربهم، ويقدم طاعتهم على طاعة ربه ودينه الذي كان ينتمي إليه ويخون أمته الإسلامية التي كان ينتسب إليها، ولولا نكايته بعد ذلك بالإسلام والمسلمين وإدخال أفكار هدامة حارب بها العقيدة الإسلامية الصحيحة وأخرج بها كثيراً من المسلمين عن دينهم- لولا ذلك لما كان لنا بعمالته لبريطانيا أو غيرها أي غرض لإبراز دوره مع الإنجليز وخدمته لهم، لأنه كغيره ممن باعوا أنفسهم لأعدائهم، على أن عمالة هذا الشخص لبريطانيا فاقت التصور، فإنك لو رجعت إلى أي كتاب من كتب الغلام أو تصريحاته فسترى مدى تعلقه بهم وتفانيه في خدمتهم وتملقه لهم وطلب رضاهم، وتفضيلهم على غيرهم ودعوة الناس إلى الانضواء تحت لوائهم والسير خلفهم في كل شئونهم ومحاكاتهم بكل دقة.