من المساوئ التي ابتلى بها بعض المنتسبين إلى الإسلام تقديس العقل واعتماده مصدراً أعلى من كلام خالق العقل. وقد لبس عليهم إبليس فرأوا أنهم على صواب، وقويت في نفوسهم شبه الملاحدة أعداء الدين، فارتكبوا هذا الجرم الشنيع، ورأوا أنه إذا تعارض النقل والعقل في شيء فإن العقل هو المقدم، وذلك عند الجمهية والمعتزلة وجمهور الأشعارة المتأخرين، ظانين أنه يوجد بالفعل تعارض بين العقل السليم والنص الصحيح - حسب زعمهم - ولهم حجج في تقديم العقل على النقل وهى شبه لا تسلم لهم، ومنها:
أن العقل هو الأصل والأساس للنقل وإلا لم يرد النقل.
أن الدلالة العقلية قطعية بينما الدلالة النقلية ظنية.
أن معرفة الله تعالى لا تنال إلا بحجة العقل وهى أصل وما عداها فرع، وهذا الأصل إنما قام على العقل، فلو قدمنا النقل لكان من باب تقديم الفرع على الأصل فالعقل هو الأساس، فلو حكم باستحالة الشيء وحكم السمع