يعتبر النصيريون ديانتهم ومذهبهم سراً من الأسرار العميقة التي لا يجوز إفشاؤها لسواهم، وقرروا أن الذي يفشي شيئاً منها يكون جزاؤه القتل في أسوأ صورة له، لأنه أفشى سر العلي الأعلى، ومن أمثلة ذلك أن سليمان الأضني وهو من أبناء مشايخ النصيرية من ولاية أضنة تنصر بتأثير بعض المنصرين الأمريكيين وجاء إلى اللاذقية، وكتب كتباً سماه ((الباكورة السليمانية)) وكشف فيها الكثير من أسرار العقيدة النصيرية، وطبع المنصرون الأمريكيون الكتاب في بيروت سنة ١٨٦٣.
وبعد أن قام باللاذقية مدة أخذ أقاربه يراسلونه ويحببون إليه العودة إليهم، مستعملين في ذلك كل وسائل التودد والمجاملة حتى آمن جانبهم وعاد إلى وطنه الأصلي، فكان جزاؤه أن أحرقوه حياً، ثم حاول النصيريون بكل جهد وعزم على احتواء الكتاب حتى اختفى تدريجياً، ولا توجد منه الآن نسخة واحدة (١) .
وهكذا فإنهم يترصدون لكل من يذكر عنهم شيئاً أو يشير إلى عقائدهم الخبيثة التي تنضح شركاً ووثنية ولا يملكون من وسائل الدفاع والرد غير التصفية الجسدية، لعلمهم بأن مذهبهم عورات لا تحتمل النقاش وعرض
(١) دائرة معارف القرن العشرين ١٠ / ٢٤٩، ٢٥٠، نقلاً عن ((العلويون)) ص ٦٣.