للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأدلة ولم يترجح عندي شيء على شيء فاستهديت الله تعالى فهداني إلى اعتقاد ما أودعته كتبي هذه، وانخلعت من جميع ما كنت أعتقد كما انخلعت من ثوبي هذا "، وانخلع من ثوب كان عليه. ودفع الناس ما كتبه على طريقة الجماعة من الفقهاء والمحدثين (١) .

وحينما أنضم إلى أهل السنة والجماعة، فرحوا به فرحا شديدا، واحترموه وعرفوا قدرة وإخلاصه وتوجهه إلى الحق بيقين ثابت، وصارت أقواله حجة وآراؤه متبعة، بينما ثار عليه أهل الاعتزال وذموه بأنواع الذم غيظا عليه، لوقوفه في وجوههم وإبطال آرائهم المخالفة للحق وتركه لمذهبهم، خصوصا وأنه كان من المتعمقين في مذهبهم والعارفين بعواره.

ومما ينبغي ملاحظته أن ينتبه طالب العلم إلى تمويه المغرضين ممن يزعم أن الأشعري لم يتب عن الاعتزال، وأن الإبانة مدسوسة عليه، وهو كذب ليس له ما يسنده، بل الصحيح الذي عليه عامة علماء السلف أن الأشعري رجع إلى مذهب أهل السنة والجماعة وتاب من كل ما يخالفه، كما صرح بذلك في كتبه كالإبانة وغيرها من مؤلفاته النافعة (٢) .

وعلى هذا فإن الأشعري مر بثلاثة أحوال في عقيدته:

الحال الأول: حال الاعتزال.

الحال الثاني: إثبات الصفات العقلية السبع: وهى الحياة - والعلم -


(١) أنظر: تاريخ المذاهب الإسلامية ١/١٨١.
(٢) في رسالة للشيخ حماد الأنصاري تسمى " أبو الحسن الشعري " نقول كثيرة عن علماء الإسلام في إثباتهم الإبانة لأبي الحسن، أنظرها إن شئت، وهى خلاصة عقيدته، أما اللمع فهي تمثل المرحلة الثانية: عقيدته الكلابية.

<<  <  ج: ص:  >  >>