للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإسلامية.

ولقد احتدم النزاع بين أهل السنة والخوارج والمعتزلة من جانب، وبين المرجئة من جانب آخر في دخول الأعمال في مسمى الإيمان، ويظهر أثر ذلك في مرتكب الكبيرة هل هو مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته وأمره في الآخرة إلى الله وإلى مشيئته- كما يقول السلف- أم هو كافر في الدنيا ومخلد في الآخرة في النار- كما تقول الخوارج- لأنه أخل بالعمل فكفر؟ أم هو في منزلة بين المنزلتين في الدنيا لا مؤمن ولا كافر، وفي الآخرة هو مخلد في النار- كما تقول المعتزلة-؟

أم هو مؤمن كامل الإيمان لم يتأثر إيمانه بالكبيرة مطلقاً- كما تقول المرجئة- لأنه مصدق بقلبه فلا مجال لأن يتأثر إيمانه؛ لأن الإيمان عندهم- على هذا المفهوم- لا يزيد ولا ينقص بل يبقى إيمانه كاملاً إذا كان التصديق موجوداً في قلبه. وفي الحقيقة أن مذهب المرجئة تطور على هذا المفهوم حتى صار من أوسع المذاهب وأكثرها تساهلاً.

فبينما الخوارج يرون أن مرتكب الذنب كافرا مخلد في النار، والمعتزلة تراه في منزلة بين المنزلتين في الدنيا، وفي الآخرة مصيره النار، ثم تزعم هاتان الطائفتان أن الناس كلهم كفار إلا من كان خارجياً، وتزعم المعتزلة أن الناس كلهم كفار إلا من كان معتزلياً، فضاقت نظرتهم إلى غيرهم، فإذا بالمرجئة توسع المجال، فزعمت أن كل طائفة تنسب نفسها إلى الإسلام، وتصدق به تعد من المؤمنين الخلّص بغض النظر عن عملها بعد ذلك، بالخوارج والشيعة والمعتزلة وسائر الطوائف في نظر المرجئة هم من أهل الإيمان الكامل.

* * * * * * * * * * * * * *

<<  <  ج: ص:  >  >>