للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإقرار والتصديق أو تصديق وعمل، لا يريدون من التصديق مجرد التصديق بالخبر فقط دون الالتفات إلي ثمرة التصديق وهو الإذعان والامتثال للأمر، الذي يتبعه العمل حتماً بل يريدون التصديق الذي يتبعه العمل كأثر للتصديق، وإلا فلا فائدة من التصديق إن لم يثمر العمل.

وهذا التفسير هو ما دل عليه الكتاب والسنة واللغة قال تعالي: {وناديناه أن يا إبراهيم (١٤٠) قد صدقت الرءيا} (١) أي قد امتثلت الأمر وحققته فعلاًُ لولا أن الله فدى ولدك بذبح غيره، وليس المقصود إنك صدقت الرؤيا كما تصدق سائر الأخبار أو تكذب، بل صدقتها وجزمت بالعمل القلبي الذي يتبعه العمل الظاهر وهو إرادتك ذبح ابنك، ولو كان المقصود بذلك مجرد المدح على تصديق الرؤيا لما كان له فضيلة فيها.

ومن السنة قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن الله كتب علي ابن آدم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة، فزنا العين النظر، وزنا اللسان المنطق، والنفس تتمنى وتشتهى، والفرج يصدف ذلك كله ويكذبه" (٢) .

وتصديق الفرج وتكذيبه كناية عن الفعل نفسه أو عدمه، وعلي هذا فالتصديق الذي يريده السلف هو ما يتبعه العمل، وبهذا يتبين خطأ من ذهب إلى أن مراد السلف هو التصديق المجرد بالقلب دون الالتفات إلى عمل القلب وإذعانه.

كما أن السلف يفسرون الإقرار هنا بمعنى حصول الالتزام والإذعان لا مجرد الإقرار بمعنى الاعتراف أو التصديق بالشيء، قال تعالى: {وإذ أخذ


(١) سورة الصافات: ١٠٥
(٢) أخرجه البخاري ١١/ ٢٦

<<  <  ج: ص:  >  >>