للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وسئل ميمون بن مهران عن كلام المرجئة فقال: أنا أكبر من ذلك.

وقال سعيد بن جبير لذر الهمداني: ألا تستحي من رأي أنت أكبر منه.

وقال أيوب السختياني: أنا أكبر من دين المرجئة (١) .

ونكتفي بما تقدم ذكره عن هذه الطائفة التي ازداد شرها وانتشارها في عصرنا الحاضر لموافقة هذه الأفكار لما في نفوس كثير من الناس الذين يريدون التفلت عن القيام به، فوجدوا في مذاهب المرجئة سنداً قوياُ وعذراً واضحاً في ذلك، وهم يغالطون أنفسهم، على معرفة تامة بأن منهجهم هذا لم يتحروا فيه النهج الذي بينه الله لعباده، والسيرة التي كان عليها الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه.

وما من ناصح لهم عن تفريطهم إلا وأجابوه بأن الإيمان في القلب لا في المظاهر التي هي أقرب إلي الرياء بزعمهم. وهي حجة شيطانية كاذبة، إذ لو صحت لقلنا لكل من يعمل عملاً صالحاً: أنت مراء، وبذلك أفسدوا قلوب كثير من عامة المسلمين الذين يتأثرون بمثل هذه الأفكار الخبيثة التي ينفرون بها الناس عن مجالس العلم وسماع طريق الخير من أهل الصلاح والتقوى.

ولذلك تجرأ هؤلاء- وأكثرهم ممن لا يحسن فاتحة القرآن- علي ذم العلماء والمصلحين الذين يدعونهم إلي العمل الصالح وإلي الالتزام بمنهج الله وتطبيقه قولاً وفعلاً واعتقاداً، زاعمين أن إيمانهم يعدل إيمان هؤلاء الذين إيمانهم في هذه المظاهر كما يسمونها، بل ويجزم بعضهم أنهم أقرب إلي الله من هؤلاء الكادحين في رضى ربهم وطلب مغفرته وعفوه.


(١) انظر لتلك النصوص: مجموع الفتاوي ٧/ ٣٩٤، ٣٩٥

<<  <  ج: ص:  >  >>