من الواضح أن البخاري ومسلمًا رحمهما الله وغيرهما من علماء الحديث كانوا يروون عن أناس عرفوا بميلهم عن مذهب السلف، وذلك لأمور كثيرة من أهمها: ١- ثقة أولئك وصدقهم في روايتهم. ٢- يروون عنهم ما لا يقوي بدعتهم. ٣- يروون عنهم حرصا على حفظ العلم وتدوينه. ٤- يروون عنهم بسبب أن المسائل التي خالفوا فيها مما يتسامح في الخلاف فيه إلى حد ما، لغموضها ولقوة الشبهة التي دفعتهم إلى ذلك.. إلى غير ذلك من الأمور. كذلك فإن الأشخاص الذين روى لهم البخاري ومسلم لم يكونوا ممن يتهمون بمحاربة الإسلام والكيد له، وإنما كانت لهم أخطاء ظنا منهم أنهم فيها على صواب، فقد اجتهدوا كغيرهم من طالبي الحق ولكن ليس كل من اجتهد في طلب شئ أصاب الحق فيه وأخذ العلماء عن هؤلاء إنما هو دليل قوى على ذم التعصب والتسرع في تكفير المخالفين وإخراجهم من الملة، ودليل أخر على وجوب الإنصاف، وأن الحق ضالة المؤمن أينما وجده أخذه بغض النظر عن حامله.