للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وجوب دخول الجنة بالعمل وهى من المسائل الهامة، وقد أورد الحافظ ابن حجر فيها عدة معاني للعلماء حول مفهوم الحديث الذي روته عائشة رضى الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " سددوا وقاربوا وابشروا، فإنه لا يدخل أحدا الجنة عمله، قالوا: ولا أنت يا رسول الله؟ قال: ولا أنا إلا أن يتغمدني الله بمغفرة ورحمة " (١) .

وحول مفهوم الآيات التي تفيد أن دخول الجنة لا يكون إلا بالعمل لقوله تعالى: (يقولون سلام عليكم أدخلوا الجنة بما كنتم تعملون} (٢) .

وبين الآيات التي تفيد أن دخولها إنما هو تفضل من الله تعالى لقوله عز وجل في إخباره عن كلام أهل الجنة وغبطتهم بما هم فيه: (الذي أحلنا دار المقامة من فضله} (٣) .

فهل يكون دخول الجنة استحقاقا بالعمل كما ترى المعتزلة، أم إن دخولها إنما هو بفضل الله مضافا إليه العمل؟

والحق أن دخول الجنة إنما هو بفضل الله أولا وأخيرا، وليس للعبد على ربه أي استحقاقا غير أن الله تعالي أوجب على نفسه أنه لا يظلم عمل عامل من ذكر أو أنثي، فجعل العمل من الأسباب دخول الجنة، والسباب نفسها إنما هي تفضيل من الله تعالى.

فاتضح أن استدلال المعتزلة بالآية السابقة وغيرها في وجوب الثواب - بمعني أن الله تعالى يجب عليه شيء لم يوجبه هو على نفسه - استدلال خاطئ، فإن الله تعالي لا يستطيع أحد من خلقه أن يوجب عليه شيئا لم يوجبه هو على


(١) أخرجه البخاري، انظر: فتح الباري: ١١ / ٢٩٤ - ٣٠٠.
(٢) سورة النحل: ٣٢.
(٣) سورة فاطر: ٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>