للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه مغالطة ظاهرة وظلم واضح ويستطيع أي شخص أن يتبين صحة هذا حينما يتصور أن الناس بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم ظلوا على الهدى الذي تركهم عليه المصطفى إلى أن نبتت الدعوات الهدامة والآراء الضالة بسبب ترجمة كتب اليونان واستعلاء الأهواء فأي الفريقين يستحق هذا اللقب الذين بقوا على الحق ولا يزالون عليه وهو الأصل في المسلمين أم الذين انحرفوا وأخذوا بآراء اليونان وفلاسفتهم؟ وقد دخل الصحابي عائد بن عمرو على عبيد الله بن زياد فقال أي بني إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن شر الرعاء الحطمة فإياك أن تكون منهم فقال له اجلس فإنما أنت من نخالة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فقال عائد رضي الله عنه وهل كانت لهم نخالة إنما النخالة كانت بعدهم وفي غيرهم (١) .

١٢- وقد نبزوهم أيضاً بتسميتهم "زوامل أسفار" تشبيهاً لهم بالجمال التي يحمل عليها و "أصحاب أقاصيص وحكايات وأخبار" وكل هذه الأوصاف هم منها براء.

وإذا أتتك مذمتي من ناقص *** فهي الشهادة لي بأني فاضل

وفي الرد عليهم يقول أبو المظفر منصور بن محمد السمعاني رحمه الله "وفي الحقيقة ما ثلموا إلا دينهم ولا سعوا إلا في هلاك أنفسهم وما للأساكفة (٢) وصوغ الحلي وصناعة البز وما للحدادين وتقليب العطر والنظر في الجواهر أما يكفيهم صدأ الحديد ونفخ في الكير وشواظ (٣) الذيل والوجه وغيرة في الحدقة وما لأهل الكلام ونقض حملة الأخبار " (٤) . وهذا النقد يذكر القارئ بالمقالة


(١) انظر أبو داود ٤/ ٢٠٠ الترمذي ٥/ ٤٤ وابن ماجه ١/١٥ وأحمد ٤/ ١٢٦.
(٢) الخرازون الذين يصنعون الخفاف.
(٣) اللهب الذي لا دخان له.
(٤) الانتصار لأصحاب الحديث ص ٢

<<  <  ج: ص:  >  >>