قوله صلى الله عليه وسلم:((أيما امرأة نكحت نفسها بغير إذن وليها فنكاحها باطل)) (١) ، بحمله على الأمة، فإن هذا التأويل مع شدة مخالفته لظاهر اللفظ يرجع على أصل النص بالإبطال وهو قولة:((فإن دخل بها فلها المهر بما استحل من فرجها)) ومهر الأمة إنما هو للسيد، فقالوا: نحمله على المكاتبة، وهذا يرجع على أصل النص بالإبطال من وجه آخر، فإنه أتى بأي الشرطية التي هي من أدوات العموم، وأكدها بما المقتضية تأكيد العموم، وأتى بالنكرة في سياق الشرط وهى تقتضي العموم، وعلق بطلان النكاح بالوصف المناسب له المقتضى لوجود الحكم بوجوده وهو نكاحها نفسها، ونبه على العلة المقتضية للبطلان وهي افتياتها على وليها، وأكد الحكم بالبطلان مرة بعد مرة ثلاث مرات، فحمله على صورة لا تقع في العالم إلا نادراً يرجع على مقصود النص بالإبطال (٢) إلى آخر الأوجه التي ذكرها للتأويل الباطل.
وكان السلف يدركون الفرق بين التأويل بمعنى التفسير وفهم المراد من الكلام الذي هو باستطاعة الإنسان الوصول إليه - وهذا هو التأويل المقبول عند السلف - وبين التأويل بمعنى معرفة ما يؤول إليه المراد من الكلام سواء كان في الدنيا أو في الآخرة من الأمور الغيبية، الذي ليس باستطاعة الشخص معرفته إلا بعد ظهوره ووضوح حقيقته.
وأمثلة هذا النوع كثيرة يمثلها الإخبار بالمغيبات التي ستحدث في الدنيا أو في الآخرة، ويمثلها كذلك معرفة صفات الله عز وجل حقيقتها وكيفياتها.