للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه الآيات وغيرها مما جاء في معناها واضحة الدلالة والمراد وكلها تهدف إلى منع التفرق في الآراء والمعتقدات التي لا يتصف بها قوم إلا كانوا في طريقهم إلى الفضل رغم وضوح هذه الأدلة ورغم حاجة الأمة الإسلامية إلى العمل بمفهوم هذه الآيات البينات إلا أن المسلمين في عصرنا هذا لم يستفيدوا منها بل كان بعضهم قريباً من حال الذين أخبر الله عنهم أنهم ازدادوا بمجيء البينات اختلافاً وفرقة وبعداً عن منهج الله تعالى. قال تعالى: {وَمَا تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلاَّ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَةُ} (١) . فما أكثر ما يجتمع المسلمون في شكل مؤتمرات وندوات ولقاءات ويكون شعارهم هو العمل بهذه الآية: {وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ} ولكنهم يخرجون وهم على أشد ما يكونون من الاختلاف والتنافر وما أكثر ما يقرأ المسلمون هذه النصيحة الإلهية: {وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ} .

وما أكثر ما يقرؤون غيرها من الآيات ولكن لماذا لم يستفيدوا منها؟

والجواب: أنهم حينما يجتمعون يكون كل فريق وحزب في غاية الإصرار على أن حبل الله الذي يجب التمسك به هو ما هو عليه وحزبه ويجب على الآخرين الانضواء تحت رايتهم والسير على نهجهم وكل يرى نفس هذا الرأي وبالتالي يكون اجتماعهم لتعميق هذه الفرقة فلا يستفيدون من تلاوة هذه الآيات شيئاً لعدم إخضاع رغباتهم وأهوائهم لتحكيمها ولعدم رضاهم بالرجوع إلى الحق الذي هدى الله إليه سلف هذه الأمة وصلح عليه أمرهم وما دام كل حزب وكل فرقة تستدل بالآيات على أن الآخرين مفارقين للحق وأن الحق هو بأيديهم فقط وما داموا كذلك فلا أمل في عودة الوحدة


(١) سورة البينة:٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>